40ثم قال: ولا أعلم له سلفاً ولا خلفاً، واللّٰه أعلم.
ثم حكى عن الفاكهي روايته عن عليٍّ عليه السلام أنّ أول من بنى الكعبة الخليل عليه السلام، وأنّ ابن كثير جزم بذلك في تفسيره قال: وقال (أي ابن كثير في تاريخه) عند قوله تعالىٰ: إنّ أول بيت وضع للناس أنه تعالى يذكر عن خليله انه بنى البيت العتيق الذي هو أول مسجد وضع لعموم الناس يعبدون اللّٰه فيه، وبوّاه مكانه، أي أرشده إليه، ودلّه عليه.
ثم قال ابن كثير: ومن تمسّك في هذا بقوله تعالى: «مكان البيت» فليس بناهضٍ ولا ظاهر؛ لأن المراد مكانه الكائن في علم اللّٰه المعظم عند الأنبياء موضعه من لدى آدم إلىٰ زمن ابراهيم عليه السلام، وقد ذكر أنّ آدم نصب عليه قبة، وأنّ الملائكة قالوا له: قد طفنا قبلك بهذا البيت، وأنّ السفينة طافت به اربعين يوماً أو نحو ذلك، وكلّ هذه اخبار عن بني اسرائيل وهي لا تصدق ولا تكذب» انتهى.
قال ابن ظهيرة: أقول: فعلى هذا يكون بناء البيت ثلاث مراتٍ:
الأول: بناء الخليل عليه السلام.
الثاني: بناء قريش.
الثالث: بناء ابن الزبير والحجاج.
لأن بناء الخليل ثابت بنص الكتاب، وبناء قريش ثابت في صحيح البخاري وغيره، وبناء ابن الزبير والحجاج ذكره عامة المفسرين وأهل التواريخ وغيرهم من العلماء.
ويحتمل أن يقال إنّها بنيت أربع مراتٍ:
[ الأول: ] بناء الملائكة وآدم عليه السلام معاً في آن واحدٍ.
ويشهد له ما حكي عن ابن عباس في سبب بناء آدم، وهو مجرد تأسيس.
الثاني والثالث: بناء الخليل عليه السلام وبناء قريش.
الرابع: بناء ابن الزبير والحجاج.