252البريطانية، ثمّ قصد حلب حيث أتقنَ اللغة العربية، وقرأ القرآن وتفقه في الدين الإسلامي، وتظاهر باعتناقه عام 1809م، وتسمى بإبراهيم بن عبد اللّٰه.
زار تدمر ودمشق ومصر وبلاد النوبة وشمالي السودان، ثمّ مضى إلى الحجاز، فأدّى مناسك الحج! ، ليعود إلى القاهرة عام 1815م، وقد أخذ منه الاعياء كلّ مأخذ. وفي السنة التي بعدها زار سيناء وعاد إلى القاهرة في حزيران (يونيو) 1816؛ ليبدأ منها رحلة جديدة للاستكشاف، ولكنه مرض وتوفي في القاهرة عام 1817م.
تلك هي - باختصار شديد - أبرز محطات حياة بيركهارت، وبالإمكان القول: إنّ بيركهارت يُعدّ نقلةً نوعيّة، في تأريخ الرحّالة الاُوروبيين؛ وذلك لتضافر ثلاث حلقات تمازجت فتكاملت. . فكان بيركهارت.
فمن طبيعة المناخ الدولي الذي شهدته اوروپا عقب حملة نابليون على مصر، وماأفرزته من تداعيات، على صعيد التنافس بين الدول الكبرى، لا سيما بين فرنسا وبريطانيا.
إلى طبيعة الإعداد الخاص الذي تلقّاه بيركهارت في أروقة لندن وجامعة كمبردج بالذات، تمهيداً لتكليفه بمهمّة خاصة، ليست بمنأى عن الاستخدام الاستعماري للحقول الاستشراقيّة.
ثمّ إنّ طبيعة الاستعدادات الخاصة لدى بيركهارت؛ من نزوع إلى المغامرة، وشغف بالعلم، وقدرة على تحمّل الصعاب، ومهارة مدهشة على التخفّي بعباءة الإسلام، ومَلَكَة عالية لقراءة الحاضر والمستقبل. . كلّ ذلك أضفى على طبيعة مهمته أهمية خاصة؛ نظراً لأنها دشّنت مرحلة جديدة في تأريخ الاستشراق.
ولابدّ من إلقاء بعض الأضواء الكاشفة، ولو بشكل سريع:
حملة نابليون: تداعيات التنافس
كان احتلال نابليون مصر عند مطلع القرن التاسع عشر