253(1798 - 1801) منطلقاً لمرحلة جديدة من العلاقات الفرنسية مع الامبراطورية العثمانية، التي تميّزت بمزيد من التركيز والحزم. ومنذ ذلك الحين أدركت فرنسا أنّ دورها لم يعد يقتصر على حماية الكاثوليك، بل عليها أن تناضل في سبيل الحفاظ على هيبتها ونفوذها، في وجه المنافسة العنيفة الجديدة، في الامبراطورية العثمانية، من قبل دول عظمى كروسيا وبريطانيا وألمانيا.
وقد كتب المؤرخ تويبني يقول:
«. . . كانت الضربة الحاسمة غزوة نابليون لمصر (1798 - 1801) ، تلك الغزوة التي تركت طابعاً لا يُمحى على الخيال الشرقي، ولم يكن لهزيمة فرنسا، في المرحلة الأخيرة من مراحل حروب نابليون أي أثر سيّئ في محو هذا الطابع. وكانت بريطانيا العظمى التي كانت قد أتمّت ثورتها الصناعية، في أثناء حرب 1792 - 1814، قد انتزعت من فرنسا حصّة الأسد في التجارة مع بلدان المشرق. غير أنّه لجميع الشعوب الشرقية غربي برزخ السويس، وغربي نهر الفرات ظلّت اللغة الفرنسية والآداب الفرنسية، والنظريات السياسية الفرنسية، منبع الحضارة الغربيّة (1) .
يقول البروفيسور ادوارد سعيد: «إذا اتخذنا حملة نابليون. .
تجربة أولى مقوية للاستشراق الحديث، فإننا نستطيع أن نعتبر إبطالها المدشّنين - في الدراسات الإسلامية، ساسي ورينان ولَيْن (2) - بناة للحقل، خالقين لتراث، وأسلافاً للأخوة الاستشراقية. ومافعله ساسي ورينان ولَيْن هو أنّهم منحوا الاستشراق أسساً علمية وعقلانية. وقد نتج عن ذلك لا كتاباتهم النموذجية وحسب بل خلقُ مفردات وأفكار يمكن أن تستعمل بصورة لا شخصانية، من قبل أي إنسان يرغب في أن يصبح مستشرقاً، وكان تدشينهم للاستشراق انجازاً كبيراً؛ إذ إنه جعل وجود مصطلحات علمية أمراً ممكناً، ونفى التعقيد الابهامي وأنشأ شكلاً