202السائلين ويعطيهم حوائجهم المشروعة في الدنيا والآخرة إن شاء اللّٰه.
كان الجوّ في منىً رديئاً، وقد توعّكت صحة الكثير من الحجيج. ليلة الثالث عشر اُبتليتُ بالحُمىٰ ووجعٍ في العظام، واستمرّت الحمىٰ ثمانية أيام. إضافة إلىٰ سوء حالتي العامة بحيث لم أستطع التحرّك أبداً. بحمد اللّٰه تعالىٰ نزلت رحمته، فقد استعدْتُ صحّتي، وتشرّفت بزيارة الحرم ليلاً مع ما كان بي.
في يوم السبت الثاني والعشرين من الشهر، تحسّنت حالتي قليلاً، فتشرفت بزيارة حضرة أبو طالب والسيدة خديجة الكبرىٰ وعبد المطّلب وعبد مناف والسيدة آمنة والدة رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله، ثم تشرفت بزيارة الحرم كذلك في الليل مع ما كان بي، ولم أستطع الطواف أكثر من مرّتين. وفي اليوم الخامس والعشرين من ذي الحجة، تشرفتُ عصراً بزيارة الحرم الشريف ثم ركبنا وجئنا إلى المكان الذي يأخذون منه الناس إلى العُمرة والمعروف ب (الشيخ محمود) ، علىٰ أمل أن نركب ونسير غداً. ثم تبيَّن أنَّ هذا العربي من آل حرب لا يملك أيَّ بعير.
نحو المدينة:
لساعة واحدة بقيت للغروب من يوم الاربعاء، السابع والعشرين من ذيالحجة. تحركنا من موقف (شيخ محمود) وركبنا بعيراً من آل حرب ثم سرنا.
نعوذ باللّٰه من هذه البُعران التي تسير مقدار فرسخ واحد كلّ ثلاث ساعات. قريب طلوع الصبح وصلنا إلى (وادي فاطمة) . كان فيه ماء يجري. ويبدو أنَّ ماء العين المذكورة حارٌّ لدرجة كأنّه مَغْليّ.
لثلاث ساعات بقينَ للغروب من يوم الخميس الثامن والعشرين من الشهر المذكور، ركبنا ثم سِرْنا ليلة الشتاء بطولها حتىٰ انبلج الصَّباح. فَلم يكن بإمكاننا تناول العشاء، ولا كان بالإمكان أخذ قسط من الراحة.
وبعد أداء صلاة الفجر ركبنا ثانية. وما إن انقضت ثلاث ساعات حتّىٰ وصلنا إلىٰ منزل آخر. كانت تلك الجِمال المنهكة تماماً تسير ثماني عشرة ساعة. وفي