138ولهم حقاً، فقال: واللّٰه لأفعلن، فلما كان الغد دخل عليه، فقال: أيها الملك، إنهم يقولون في عيسىٰ قولاً عظيماً، فأرسل إليهم فسلهم عنه، فبعث إليهم، ولم ينزل بنا مثلها. فقال بعضنا لبعض: ماذا تقولون له في عيسىٰ إن هو سألكم عنه؟
فقالوا: نقول واللّٰه الذي قاله اللّٰه تعالىٰ، والذي أمرنا به نبينا صلى الله عليه و آله أن نقول فيه: فدخلوا عليه وعنده بطارقته، فقال: ما تقولون في عيسىٰ بن مريم؟
نقول: هو عبدُ اللّٰه ورسوله وكلمتهُ وروحهُ ألقاها إلىٰ مريم العذراء البتول، فدلى النجاشي يده إلى الأرض، فأخذ عوداً بين أصبعيه، فقال: ما عدا عيسىٰ بن مريم ما قلت هذا العويد 1، فتناخرت بطارقته، فقال: وإن تناخرتم واللّٰه، اِذهبوا، فأنتم شيوم في أرضي - والشيوم: الآمنون - مَن سبّكم غرم، ثمّ من سبّكم غرم، ثمّ مَنْ سبّكم غرم، فأنا ما أحب أن لي دَبْراً وأني آذيتُ رجلاً منكم - والدبر بلسانهم: الذهب - فواللّٰه ما أخذ اللّٰه تعالىٰ مني الرشوة حين ردّ علي ملكي فآخذ الرشوة منه، ولا أطاع الناس فيّ فأطيع الناس فيه، ردوا عليهما هداياهما، فلا حاجة إلي بها، وأخرجا من بلادي. فرجعا مقبوحَيْن مردوداً عليهما ما جاءا به.
فأقمنا مع خير جار، وفي خير دار.
فلم ينشب أن خرج عليه رجل من الحبشة ينازعه في ملكه، فواللّٰه ما علمنا حزناً حزنّا قط كان أشدّ منه فرقاً من أن يظهر ذلك الملك عليه، فيأتي ملك لا يعرف من حقنا ما كان يعرفه، فجعلنا ندعو اللّٰه ونستنصره للنجاشي، فخرج إليه سائراً. . . فهزم اللّٰه ذلك الملك وقتله، وظهر النجاشي عليه. . . فواللّٰه ما علمنا فرحنا بشيء قط فرحنا بظهور النجاشي، ثمّ أقمنا عنده حتىٰ خرج من خرج منا راجعاً إلىٰ مكة، وأقام من أقام. . . 2وأخيراً عادت اُمّ سلمة وزوجها ومعهما أولادهما (زينب وسلمة وعمر ودرة) الذين ولدوا هناك - على قولٍ - في دار هجرتها الحبشة، عادوا جميعاً إلى مكّة، وكانت عودة المهاجرين إلى مكّة إمّا خفاءً أو بجوار أحدٍ من وجوه مكّة بعد