136من البلاء والفتنة في دينهم، وأن رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله لا يستطيع دفع ذلك عنهم، وكان رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله في منعة من قومه ومن عمّه، لا يصل إليه شيء مما يكره مما ينال أصحابه، فقال لهم رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: إن بأرض الحبشة ملكاً لا يظلم أحد عنده، فالحقوا ببلاده حتىٰ يجعل اللّٰه لكم فرجاً ومخرجاً مما أنتم فيه.
فخرجنا إليها أرسالاً حتىٰ اجتمعنا بها، فنزلنا بخير دار إلىٰ خير جار، أمنا علىٰ ديننا، ولم نخش ظلماً.
فلما رأت قريش أنا قد أصبنا داراً وأمناً، اجتمعوا علىٰ أن يبعثوا إليه فينا؛ ليخرجنا من بلاده، وليردنا عليهم. فبعثوا عمرو بن العاص وعبد اللّٰه بن أبي ربيعة، فجمعوا له هدايا ولبطارقته، فلم يَدَعُوا منهم رجلاً إلّابعثوا له هدية علىٰ حِدَة، وقالوا لهما: ادفعوا إلىٰ كل بطريق هديته قبل أن تكلموا فيهم، ثمّ ادفعوا إليه هداياه، وإن استطعتما أن يردهم عليكم قبل أن يكلمهم فافعلوا.
أقول: كانت تخشىٰ قريش أن ينطلق الحقّ من لسانهم ووقع الذي كانت تخشاه.
فقدما علينا، فلم يبق بطريق من بطارقته إلّاقدّموا إليه هديته، فكلموه، فقالوا له: إنّا قدمنا علىٰ هذا الملك في سفهاء من سفهائنا، فارقوا أقوامهم في دينهم، ولم يدخلوا في دينكم، فبعثَنا قومُهم ليردهم الملك عليهم، فإذا نحن كلمناه فأشيروا عليه بأن يفعل، فقالوا: نفعل، ثم قدّموا إلى النجاشي هداياه، فكان من أحبّ ما يهدى إليه من مكّة الأَدَم. فلما أدخلوا عليه هداياه، فقالوا له: أيها الملك إن فتية منا سفهاء، فارقوا دين قومهم، ولم يدخلوا في دينك، وجاؤوا بدين مبتدع لا نعرفه، وقد لَجأُوا إلىٰ بلادك، فبَعَثنا إليك فيهم عشائرهم، آباؤهم وأعمامهم وقومهم لتردهم عليهم، فهم أعلىٰ بهم 1عيناً.
فقالت بطارقته: صدقوا أيها الملك، لو رددتهم عليهم وكانوا هم أعلىٰ بهم، فإنهم لم يدخلوا في دينك فيمنعهم أملك. فغضب، ثمّ قال: لا، لعمر اللّٰه، لا أردهم