133قالت امُّ المؤمنين عائشة - عن جمال امّ سلمة -: «لمّا تزوّج رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله «امّ سلمة» حزنتُ حزناً شديداً لما ذكر لنا من جمالها، فتلطفتُ حتى رأيتها، فرأيتُ أضعاف ماوُصفت به» .
إذن فكلّ من أصلها العريق ومنبتها الكريم أضفى على حياتها صفات عظيمة وخلقاً كريماً واكبها طيلة حياتها المباركة وميّزها عن غيرها من النساء. .
يقول عنها أحمد خليل جمعة في موسوعته القيمة (نساء أهل البيت) : لو أَلقينا الأضواء على حياة اُمّ سلمة قبيل الإسلام؛ لألفينا أنّها امرأة ذات شرف وطهر في أهلها، وذات نسب مُعرِقٍ في المعالي، ومنبتٍ كريم حسيب في قومها بني مخزوم، ثمّ هي بعد ذلكَ كلّه، ابنة واحد من كرماء قريش، وأنداهم كفّاً، وأجودهم عطاءً، فأبوها زاد الركب أحد الأجواد الذين سارت الأمثال والركبان بالحديث عن جودهم، فكانوا إذا سافروا، وخرجَ معهم الناس، لم يتخذوا زاداً معهم، ولم يوقدوا ناراً لهم، فيكفونهم ويغنونهم.
ولا ريب أنّ هند بنت أبي اُميّة، قد تأثرت بهذه البيئة الكريمة، التي عاشتها في مطلع فجر حياتها، وأرت مارأت من مكانة أبيها وكرامته وكرمه بين الناس، فلا عجب أن تكون هي الاُخرى، ذات يد معطاء، ونفس صافية، تعرف مكامنَ الرحمة، فتفجّر البّر في نفوس الناس تفجيراً 1.
إسلامها وهجرتها:
في بداية نور الإسلام ورغم عناد الوليد بن المغيرة، زعيم بني مخزوم، أسلمت امُّ سلمة وزوجُها. . وبعد ما ثارت حفيظة مشركي مكة وعظم غيضهم واشتد أذاهم للمسلمين، هاجرت معه إلى الحبشة فكانا أوّل المهاجرين، فنالت بذلكَ وسام أولى المهاجرات.
يقول النووي في تهذيبه نقلاً عن ابن الأثير: أوّل مهاجرة من النساء اُمُّ سلمة 2. وماإن عادت وزوجها إلى مكّة من الحبشة مكان هجرتها الأولى حتى