175وشخصياته، وفضائله، ورذائله وحوّلته شيئاً منسوجاً في لحمة الحياة الأوروپية 1.
وهكذا استقرّت صورة الاسلام في الوجدان الشعبي، وظلّ يُنظر إليه علىٰ أنه لا شيء أكثر من ضلالة - أو بدعة - من المسيحية، وكان يُقال عنه أنه «دين السيف» ، ويُعبّر عنه باستهزاء ب «الدين المحمدي) أو (المحمدية) . والمسلمون أنفسهم أيضاً لم يسلموا من سخط المسيحيين في العصور الوسطىٰ، وقد سمّوهم بالكافرين والوثنيين والأعراب والمحمديين 2.
وقد أدخل رحالة القرن السابع عشر أيضاً صوراً أخرىٰ عن المسلمين تتعلق بالقرصنة والرق. وقد راجت هذه الصورة شعبيّاً، من جرّاء كتاب ألفه «جوزيف بيتِز» ، وصف فيه أسره من قبل قراصنة جزائريين في 1678، بينما كان هو ورفاقه يبحرون في الساحل الجزائري 3فمن هو «بيتز» ؟ وما هي حكايته؟
جوزيف بيتز:
وجوزيف بيتز هو شاب انكليزي يافع من أهالي أوكسفورد، وقصته طريفة وغير عادية. فقد كان هذا البريطاني - الذي ولد في جنوب غربي البلاد - قد ورث تعلّقاً شديداً بالبحر، وعندما بلغ الخامسة عشرة من عمره التحق بسفينة كانت متوجهة إلىٰ أمريكا عام 1678. وفي طريق العودة، علىٰ مقربة من الشواطئ الاسبانية، هاجم قراصنة جزائريون السفينة وأسروا أعضاء الطاقم ونقلوهم إلى العاصمة الجزائرية، حيث بيعوا في السوق كعبيد. وكتب «بيتز» عن تلك المرحلة:
«اشتراني رجل عاملني بقسوة فائقة، وعلىٰ رغم من أن الجزائريين لم يكترثوا أبداً بديانة عبيدهم، إلّاأن معلمي كان يضربني باستمرار ليجبرني علىٰ تغيير ديني» 4.
ونظراً لأن «بيتز» كان يجيد التكلّم بالعربية والتركية فقد أتقن التعاليم الإسلامية أكثر من غيره. وكان صاحبه، النقيب في خيالة الجيش الجزائري،