146
في قصر شيرين:
بأمر من قائد البلاد دائم الملك، تقرّر استنفار عدد من الفرسان في مدينة قصر شيرين بصورة دائمية، وقد تفحّصتهم بدقّة، فوجدتهم لا يتجاوزون الثلاثين، أو الأربعين، بخيولهم التعيسة وأسلحتهم المغشوشة، يريدون النجاة أمام لصوص الحدود، المسلّحين ببنادق جيدة، وعندهم الخيول القوية المقاتلة، فكيف يريد أولئك الفرسان أن يؤمّنوا الطريق حتىٰ تعبر قوافل الزائرين بسلام؟ !
إنّ في المنطقة الواقعة بين قصر شيرين والحدود، توجد آثار عدّة قلاع وبرج وقرية، بالقرب من الطريق الذي نسلكه، جميعها خرائب وخالية من السكان، وهي تقع في سهول خضراء ويانعة، وتحتوي على المياه الوفيرة، ويظهر أنّه بسبب بعض الاعتداءات، قد توارى سكّان تلك المناطق عنها، ومنذ ذلك الحين، أصبح السير في هذه القلعة غير آمن ومحفوفاً بالمخاطر.
العتبات المقدّسة:
عند توقفنا في العتبات المقدّسة، لفتت انتباهي نقاط، أهمّها:
أوّلاً: لا تتم المحافظة علىٰ الثريّات والشمعدانات المُهداة من قِبل صاحب الجلالة شهرياري، وأن الأموال التي تُقبض باسم إنارتها، لا تُصرف في ذلك، وخاصة في الكاظمية. أمّا في سرّ من رأىٰ، فإنّ هناك ثريّات مضاءة كلّ ليلة، وعملها مُنظّم، إلّاأن معظم اغلفتها قد حُطِّمت واستُبدِلت باُخرىٰ رديئة.
ثانياً: في كلّ عام، تُنقل جنائز كثيرة للموتىٰ من جميع أنحاء إيران إلىٰ مدينة النجف الأشرف؛ لدفنها في مقبرة «وادي السلام» . ومنذ لحظة دخول هذه الجنائز البلاد العثمانية، وحتىٰ لحظة الدفن، تجبىٰ ضرائب مختلفة في أماكن متعدّدة وبذرائع شتّىٰ، مثل: ضريبة (جواز السفر) ، وضريبة التابوت، وضريبة الطريق، وضريبة الحراسة، وحق الأرض وغير ذلك. وبعد دفن الجثمان، يقوم عمّال المقبرة أنفسهم، من فرط دناءتهم، بعد أيّام قليلة، بنبش القبر وسرقة أحجاره، التي هي غير ذات