92الامتياز والتعالي والتفاخر، وهو بذلك يضع - تحت قدميه - كلّ الامتيازات التي أضفاها مصمّموا الأزياء والخيّاطون على آلاف من أنواع الملابس العسكريّة والدينيّة والعرقيّة والطائفيّة، وعلىٰ أنواع ثياب الملوك المتكبّرين، وأصحاب المناصب المدّعين.
وإذا بهذه الأُمم المختلفة، وهؤلاء الأفراد المختلفين، شؤوناً ومناصب، حكّاماً ومحكومين، ينصهرون في وحدة خالصة مُخْلَصة من كلّ غلّ وغشّ، ويظهرون بمظهر الاتّحاد والأُخوّة والمساواة، في شكل واحد ظاهر وطاهر، أبيض نورانيّ، إلهيّ، ومعرض هذه الوحدة صحراء أرض التوحيد المترامية الأطراف، والحرم الإلهيّ المقدّس.
ويظلّ هذا العرض - إلى الأبد - عالقاً في ذاكرة كل فرد من الحجّاج الذين حضروا هذا المشهد، كما يظلّ عالقاً في ذاكرة المجتمع الإسلامي، وذاكرة كلِّ المجتمع البشريّ أيضاً، بوصفه لوحة رائعة منقطعة النظير، ملهمة للأجيال، ومشحونة بالدعوة إلى الصلح والسلام، والمعنويّة، والإخلاص، وعبادة الواحد الأحد.
التلبية:
«لبّيك اللّهمّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إنّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبّيك» .
إذا ما استثنينا صلاة الطواف التي هي بهيئة الصلاة المتعارفة، فليس في فروض الحجّ فرض يكون من مقولة اللّفظ والكلام سوىٰ هذه الكلمات المدوّية، والملْأىٰ بالجلال والعظمة. ولا يجب على الحاجّ - في جميع مناسك الحجّ - قول أو دعاء أو ورد أو ذكر، غير التلبية. وقال الفقهاء: المقدار الواجب من التلبية هو هذه التلبيات الأربع الأولىٰ، لا غير.
ولهذه الترنيمة الرائعة المتناسقة - التي يردّدها الحجّاج بإخلاص منقطع النظير، وبصوت عالٍ