93متناغم متكرّر - أثر في تلقين روح الطاعة واتّباع حكم اللّٰه، والاستجابة لدعوته، وهذا الأثر شيء لا يناله الوصف، و لا يسبر أعماقه قلم أو بيان.
وللكلام في الموضوع مجال واسع يضيق به هذا المقال.
عرفات:
أرض معرفة، أرض أوّل إنسان هبط، ثمّ أخذ في طريق الصعود، أرض آدم وإبراهيم ومحمد عليهم السلام، أرض تجلّىٰ فيها جبرئيل بحقيقته لنبيّنا صلى الله عليه و آله، أرض صحراوية قاحلة، تخلو من أيّ معلم أو بناء، فيها يفترش الإنسان الأرض ويلتحف السماء، فأيّ أرض هذه التي تضع الإنسان في صميم خلقه الطبيعي والحقيقيّ بهذا الشكل؟ !
هنا - في عرفات - عصر التوبة والإنابة المضيء، وعهد إعادة بناء وتكوين الشخصيّة الجديدة، هنا المقرّ الأبديّ لإعلان شريعة الإسلام عبرَ آخر سفير من سفراء الوحي الإلهيّ.
هنا يفنى الإنسان في هالة من العظمة والسكون، والإلهام والروحانيّة، والفكر والتدبّر، والمناجاة والدعاء والعبادة.
قال النبيّ صلى الله عليه و آله: «الحجّ عرفة» .
ولو أنّك - في أوّل منازل الحجّ - لمست في روحك وقلبك التغيّر والتحوّل، ودفعك الوقوف في عرفات إلى التأني والتفكّر والتدبّر، ثمّ انتهىٰ بك الوقوف في المشعر إلىٰ إكمال ما بدأته في عرفات، فهذا يعني أنّ أساس سائر المناسك قد استقرّ وأحكم بما لا يقبل الزعزعة، وأنَّ الوقوفين قد أُدّيا علىٰ أحسن وجه.
وقد أشرنا - آنفاً - إلىٰ أنّ التدبّر والتأمّل لابدّ من أن يكونا أساساً للحركة والانبعاث. والوقوفان هما أساس وجوهر مناسك الحجّ الشريفة؛ ولهذا فلا يوجد ركن يبطل الحجّ بتركه سهواً ودون تفريط، غير هذين الوقوفين 1.
الحاجّ في عرفات يُلْهم من الأرض والسماء؛ يلهم من نفسه التي تطهّرت وتنزّهت، ويلهم من هذه