37فيما إذا كانت الأضحية ملازمة لقصد القربة وخلوص النيّة، فهو نظير ما إذا قلنا: إن قيامكم أو قعودكم في الصلاة ليس بمهمّ، إنّما المهم هو إخلاص النيّة، وقصد التقرب إلى اللّٰه تعالىٰ. ونظير الآية المزبورة والبدن جعلناها لكم. . . في الدلالة علىٰ لزوم الصرف، وموضوعية التمتّع من اللحوم. وهناك آية أخرىٰ من سورة الحج وهي:
و أذّن في الناس بالحجّ. . .
ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم اللّٰه في أيّام معلومات علىٰ ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير 1.
ولو سلمنا في أن صيغة «كلوا» في هذه الآية تأتي في مقام دفع توهّم الحظر من أكل المضحّي، فلا دلالة لها على الوجوب (كما قال به كثير من الفقهاء والمفسرون) فلا إشكال في دلالة «أطعموا» علىٰ وجوب صرف اللحوم في الفقراء، كما تدلّ عليه الروايات الواردة في أبواب الذبح أيضاً.
إن قيل: لعلّ المسألة من قبيل تعدّد المطلوب، فكانت إراقة الدم في منىٰ أمراً مطلوباً، وصرف اللحوم في المصارف المنصوصة هو الآخر كان أمراً مطلوباً، فإذا لم يقدر المكلّف علىٰ إتيان أحدهما (وهو صرف اللحوم) لم يسقط الآخر وهو إراقة الدم في منى.
قلنا: ظاهر الأمر في الآية الشريفة وما تفرّع عنها هو وحدة المطلوب، وان تعدد المطلوب يحتاج إلىٰ قرينة مفقودة في المقام، بل القرينة قائمة علىٰ خلافه؛ لظاهر التفريع بالفاء، وبالجملة علىٰ مدّعي التعدّد تقديم القرينة. هذا - مضافاً إلىٰ ما مرّ من عدم سبق إراقة الدم بدون صرف اللحوم في عصر نزول القرآن وأعصار المعصومين حتىٰ يدّعى التعدد، فإن تعدد المطلوب يرجع الىٰ نوع من الإطلاق وشمول الدليل، والإطلاق بالنسبة الىٰ مصداقٍ، فرع وجود ذلك المصداق، كما أشرنا إليه سابقاً.
إن قيل: لازم وحدة المطلوب سقوط الهدي، فإن المطلوب الواحد