208بينما أنا مع النبي صلى الله عليه و آله في حَيْر 1لأبي طالب أصلي، أشرف علينا أبو طالب، فنظر إليه النبي صلى الله عليه و آله فقال: يا عم ألا تنزل فتصلي معنا؟ فقال: يا بن أخي، إني لأعلم أنك على الحق، . . ، لكن انزل يا جعفر فصل جناحَ ابن عمّك.
قال: فنزل فصلىٰ عن يساري. فلما قضى النبي صلى الله عليه و آله صلاته، التفت إلىٰ جعفر فقال: أما إنّ اللّٰه تعالىٰ وقد وصلك بجناحين تطير بهما في الجنة، كما وصلت ابن عمّك 2.
وفي رواية ثانية يذكرها أيضاً صاحب مختصر تاريخ دمشق عن صلصال بن الدلهمس يقول فيها: . . فكان الذي بينهما - بين أبيه الدلهمس وأبي طالب - في الجاهلية عظيم (عظيماً) ، فكان أبي يبعثني إلىٰ مكّة لأنصر النبي صلى الله عليه و آله مع أبي طالب قبل إسلامي، فكنت أقيم الليالي عند أبي طالب لحراسة النبي صلى الله عليه و آله من قومه، فإني يوم من الأيام جالس بالقرب من منزل أبي طالب في الظهيرة وشدّة الحر، إذ خرج أبو طالب شبيهاً بالملهوف فقال لي: يا أبا العصيفر، هل رأيت هذين الغلامين فقد ارتبت بإبطائهما عليّ؟
فقلت: ما حسست لهما خبراً منذ جلست، فقال: اِنهض بنا فنهضت، وإذا جعفر بن أبي طالب يتلو أبا طالب، قال: فاقتصصنا الأثر حتىٰ خرج بنا من أبيات مكّة، قال: ثمّ علونا جبلاً من جبالها، فأشرفنا منه علىٰ أكمة دون ذلك التل، فرأيت النبي صلى الله عليه و آله وعلياً قائماً عن يمينه، ورأيتهما يركعان ويسجدان قبل أن أعرف الركوع والسجود، ثم انتصبا قائمين، فقال أبو طالب لجعفر: أي بني، صل جناح ابن عمّك، قال: فمضىٰ جعفر مسرعاً حتىٰ وقف بجنب علي، فلما أحسّ به النبي صلى الله عليه و آله أخّرهما وتقدم، وأقمنا موضعنا حتى انقضىٰ ما كانوا فيه من صلاتهم، ثمّ التفت إلينا النبي صلى الله عليه و آله فرآنا بالموضع الذي كنّا فيه، فنهض ونهضنا معه مقبلين، فرأينا السرور يتردّد في وجه أبي طالب، ثمّ انبعث يقول:
إنّ عليّاً وجعفراً ثقتي
عِندَ مُهِمِّ الأمورِ والكربِ