199يقول سيد قطب: فنعمة الأمن نعمة ماسة بالإنسان، عظيمة الوقع في حسّه، متعلّقة بحرصه علىٰ نفسه، والسياق يذكرها هنا ليذكر بها سكان ذلك البلد، الذين يستطيلون بالنعمة ولا يشكرونها، وقد استجاب اللّٰه دعاء أبيهم إبراهيم فجعل البلد آمناً، ولكنّهم هم سلكوا غير طريق إبراهيم، فكفروا النعمة. . 1يقول السيد الطباطبائي في تفسير الميزان: فالحقّ أنّ قوله: ومن دخله كان آمناً مسوق لبيان حكم تشريعي لا خاصّة تكوينيّة، غير أنّ الظاهر أن تكون الجملة إخبارية يخبر بها عن تشريع سابق للأمن، كما ربّما استفيد ذلك من دعوة إبراهيم المذكورة في سورتي إبراهيم والبقرة، وقد كان هذا الحقّ محفوظاً للبيت قبل البعثة بين عرب الجاهلية ويتصل بزمن إبراهيم عليه السلام.
وأمّا كون المراد من حديث الأمن هو الإخبار بأن الفتن والحوادث العظام لا تقع ولا ينسحب ذيلها إلى الحرم فيدفعه وقوع ما وقع من الحروب والمقاتلات واختلال الأمن فيه؛ وخاصّة ما وقع منها قبل نزول هذه الآية، وقوله تعالىٰ: أو لم يروا أنّا جعلنا حرماً آمناً ويتخطّف النّاس من حولهم ، لا يدلّ علىٰ أزيد من استقرار الأمن واستمراره في الحرم، وليس ذلك إلّالما يراه النّاس من حرمة هذا البيت ووجوب تعظيمه الثابت في شريعة إبراهيم عليه السلام وينتهي بالآخرة إلىٰ جعله سبحانه وتشريعه.
وراح السيد الطباطبائي يقول:
وكذا ما وقع في دعاء إبراهيم المحكي في قوله تعالىٰ: ربِّ اجعل هذا البلد آمناً وقوله: ربِّ اجعل هذا بلداً آمناً ، حيث سأل الأمن لبلد مكّة فأجابه اللّٰه بتشريع الأمن وسوق النّاس سوقاً قلبياً إلىٰ تسليم ذلك وقبوله زماناً بعد زمان 2.
وفي مكان آخر من تفسيره لسورة إبراهيم الآية 35 يقول السيد الطباطبائي:
والمراد بالأمن الذي سأله عليه السلام الأمن التشريعي دون التكويني. . فهو يسأل ربّه