170
6 - وجوب الإحرام لدخولها
فإنه يجب علىٰ كل من دخل مكة أن يكون محرماً بحج أو عمرة. وادّعى المدارك الإجماع عليه، وفي محكي الخلاف كذلك، وفي الجواهر أنه لم يجد خلافاً فيه.
ونقل عن المقنع للشيخ الصدوق أن الوجوب ثابت حتىٰ لو دخل مرتين أو ثلاثاً في السنة، وقد دلّت علىٰ ذلك أخبار عديدة منها صحيحة محمّد بن مسلم عن الإمام الباقر عليه السلام «سألت أبا جعفر عليه السلام: هل يدخل الرجل مكة بغير إحرام؟ قال: لا إلّا مريضاً أو من به بطن» 1وفي صحيحة أخرىٰ له عنه عليه السلام «سألته: هل يدخل الرجل الحرم بغير إحرام؟ قال: لا إلّاأن يكون مريضاً أو به بطن» 2والنصّ الثاني يوسع الدائرة الى الحرم، ولكن حيث دلّ الدليل علىٰ عدم وجوب الإحرام لمن لم يرد النسك، وأراد حاجة خارج مكة؛ لذا فإنه يحمل علىٰ من دخل الحرم بقصد الدخول إلىٰ مكة. ولعلّ أشد النصوص لهجة حسنة معاوية بن عمار قال:
«قال رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله يوم فتح مكّة: إنّ اللّٰه حرّم مكة يوم خلق السموات والأرض، وهي حرام إلىٰ أن تقوم الساعة، لم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي، ولم تحل لي إلّا ساعة من نهار» 3.
وحكى في المدارك عن الشيخ وجماعه استثناء العبيد من هذا الحكم، ونقل عن المنتهى الاستدلال عليه بأنّ السيّد لم يأذن لهم بالتشاغل بالنسك عن خدمته، فإذاً لم تجب عليهم حجة الإسلام لهذا المعنىٰ، فعدم وجوب الإحرام لذلك أولىٰ، ثمّ وصف صاحب المدارك هذا الاستدلال بأنّهُ لا بأس به 4، وفي الجواهر أن هذا الاستثناء مناف لإطلاق الأدلة وعمومها 5.
والمعروف استثناء المريض والمتكرر بالدخول الىٰ مكة كالحطاب والحشاش لدلالة النصوص علىٰ ذلك.
وحيث اتضح ثبوت الإحرام علىٰ من دخل مكة وكونه من خصوصيات هذه المدينة المكرمة، ولذا فمن الطبيعي أن نُرجع خصوصيات الإحرام إلىٰ مكة أيضاً،