161القطعي منعقد علىٰ خلافه، وأمّا ثانياً فلمنع كون الإسراء من بيت أم هاني، ثمّ لو سلمناه لجاز مروره بالمسجد الحرام؛ ليتحقق منه الإسراء حقيقة إلى المسجد الأقصىٰ 1. وردَّ صاحب الجواهر عليه أيضاً بأنهُ «منافٍ للإجماع بقسميه علىٰ عدمكونها مسجداً، معمنع كونه فيالدار المزبورة» 2ويبدو من «رياض المسائل» أنه فهم من كلام الشيخ القول بالحرمة، وقد مرّ أن كلامه في المبسوط مشعر بالكراهة، ثمّ ردَّ صاحب الرياض على الشيخ بأنّ القول بالحرمة ضعيف «لشذوذ القول به ودعوى الإجماع القطعي في السرائر والمدارك علىٰ خلافه، مضافاً إلى الأصل وأظهرية دلالة الصحاح على الكراهة من الحسنة على الحرمة» 3.
غير أن التدقيق في كلام السرائر والمدارك لا يدل على ادعاء الإجماع بالخلاف، أمّا عبارة المدارك فقد مرّت، والإجماع المدّعىٰ فيها ليس علىٰ عدم الحرمة، وإنّما علىٰ أن مكة ليست مسجداً كما هو الواضح من عبارة الجواهر أيضاً.
وأمّا عبارة السرائر فهي في سياق بيان ما هو الدليل علىٰ أصل الحكم، حيث استدل الشيخ في المبسوط بالآية: سواء العاكف فيه والباد علىٰ قوله: «لا ينبغي أن يُمنع الحاج شيئاً من دور مكة» فأراد ابن إدريس أن يرد عليه بأنّ الآية لا تصلح للاستدلال، وإنّما الدليل هو الإجماع حيث كتب يقول معلّقاً: «للإجماع علىٰ ذلك فأمّا الاستشهاد بالآية فضعيف، بل إجماع أصحابنا منعقد وأخبارهم متواترة، فإن لم تكن متواترة فهي متلقاة بالقبول لم يدفعها أحد منهم، فالإجماع هو الدليل القاطع علىٰ ذلك دون غير، فأمّا الآية وهو قوله تعالىٰ: سواء العاكف فيه والباد فإنّ الضمير راجع الىٰ ما تقدّم وهو نفس المسجد الحرام دون مكّة جميعها، وأيضاً قوله تعالىٰ: لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتىٰ تستأنسوا فحظر علينا عزّوجلّ دخول غير بيوتنا، فأمّا من قال: لا يجوز بيع رباع مكّة ولا اجارتها، فصحيح إنّ أراد نفس الأرض؛ لأنّ مكة أُخذت عنوة بالسيف فهي لجميع المسلمين لا تُباع ولا توقف ولا تستأجر. .» 4فسواء كان كلام الشيخ في المبسوط