123و1517م. وميزة قارتيما أنه أوّل من ترك وصفاً، وان كان مقتضباً، للأماكن التي زارها في شبه جزيرة العرب، كما أنه ترك لنا خريطة تظهر فيها شبه جزيرة العرب ممدودة عرضاً في الجهة الجنوبيّة 1.
وبعد هذه الجولة مع «قارتيما» أليس من حقّنا أن نطرح تساؤلاً مشروعاً؛ هل كان الشرق، وبما يحفل به من سحر وروعة وفتنة وغموض، كافياً لكي يتحمّل المغامرون - ومنهم قارتيما - كلّ ما صادفوه من متاعب، ومما كابدوه من مشاق، وما جابهوه من أخطار. . ؟ !
وليس هناك من شك في أن الإيجاب ب «نعم» عن هذا التساؤل، يعدّ تبسيطاً مخلّاً لحالة معقّدة، وقراءةً مبتورة أو غير واعية أو ظاهرية لحقيقة غاطسة خفيّة مريبة.
المهمة السريّة: ملاحظات ومؤشرات
وما يدعونا إلىٰ إطلاق هذه الأحكام، بخصوص «قارتيما» ، ومَنْ هم علىٰ شاكلته، هو الملاحظات التالية:
1 - إن مهمّة «قارتيما» التي شرع بها عام 11503م، جاءت في أعقاب نشوة النصر التي شهدتها أوروپا إثر سقوط الأندلس سنة 1492م، وكان هذا حافزاً قويّاً علىٰ ملاحقة الضربات الشديدة للطرف الآخر، «المتوحّش» ، «المتخلّف» ، «الشهواني» ، «الفظ» ، «الكافر» . . الخ من الصور النمطية المستقرة في اللاشعور الغربي.
2 - إن إيطاليا - التي انطلق منها قارتيما - تمثّل قلعة البابوية، وهي رأس الرمح في الهجوم الصليبي على المشرق الإسلامي، وحتىٰ هذا اليوم لم تتخلّ عن مهمتها هذه، رغم كل الادعاءات.
وليس اعتباطاً أن يُسبغ علىٰ «قارتيما» لقب «نبيل روما» ، وكذلك حماية