119مطلقاً، من قبل، مثل هذا العدد من الناس يجتمع في بقعة واحدة من الأرض 1.
ويمضي «قارتيما» في نقل انطباعاته ومشاهداته، فيذكر في الفصل المخصص للحج والغفران من رحلته أن مركز مكّة يوجد فيه معبد جميل جدّاً، علىٰ حدّ تعبيره، يشبه الكولوسيوم الموجود في روما، لكنّه مبني من اللبن المشوي، وللمسجد الحرام، أو المعبد كما يسميه مئة باب ذات طوق، ثمّ يشير إلىٰ وجود الكعبة في الوسط، دون أن يذكر اسمها، ويقول: إن المغفرة من اللّٰه تطلب عند الطواف حولها، وللكعبة - التي يسميها «برجاً» - باب فضة لا تزيد في علوّها علىٰ قامة واحدة 2.
ورغم أنه حرص علىٰ وصف الشعائر التي تمارس في مكّة، وغير ذلك ممّا وقعت عليه عيناه، أو تناهى إلىٰ سمعه، غير أنه لم يذكر شيئاً عن الحجر الأسود، مع أنه قد وصف ذلك (البرج) في وسط المسجد الحرام، وهو الكعبة، وأخبرنا عن ذلك الحشد الذي وُجد في 22 مايس (أيار) عام 1503م (وهو موعد عيد الأضحىٰ) وقال: إن الاحتفال يبدأ في الصباح قبل الفجر، وكان الناس يطوفون سبع مرّات حول البرج ويقبلون زواياه، وغالباً ما كانوا يتحسسون زواياه ويلمسونها.
إن الحجر الأسود موضوع في إحدىٰ زوايا الكعبة. وهنا يتساءل المرء عمّا إذا كان «قارتيما» قد دخل البيت الحرام حقيقة، أو أن أساس ما قاله كان يرتكز علىٰ ما قيل له، إذ إنه كان يراقب الحجاج من مكان بعيد، ربما بصفته حارساً يقف على الجدران في أعالي ذلك البيت المقدّس 3.
ثمّ يصف بئر زمزم ويقول: إن لها قبّة جميلة، وإن عمقها يبلغ سبعين قامة، وإن ستة أو سبعة رجال يقفون عادة حول البئر؛ ليستقوا الماء للناس منها. وهؤلاء يريقون ثلاثة أسطل من ماء زمزم فوق كل حاج من الحجاج، فيتبلل به من قمّة الرأس إلىٰ أخمص القدم، ولو كان لباسه من حرير 4.