115بمرح وسعادة ودهاء 1.
وما زال المؤرخون مختلفين في أصل قارتيما حتى الآن: فبعضهم يقول: إنه بولوني، وآخرون يقولون: إنه روماني. وحتى الذين يؤكّدون أنه ايطالي لا يعرفون، تماماً، من أية مدينة ايطالية أتىٰ هذا الرجل. وما يزيد القضية غموضاً أن «قارتيما» نفسه يدّعي أنه من أهالي بولونيا الأيطالية، في مقدمة كتابه « oirarenitI » ، ثم يعود ويشير نفسه بأنه روماني، فيما تطلق عليه بعض المراجع الغربية لقب «نبيل روما» 2.
وليس المهم عندنا أصله، بل رحلته التي تعاقبت طباعتها وترجمتها، خلال ثلاثين عاماً دون انقطاع 3وهو يدّعي أنه طبيب، ومع ذلك فهو يذكر، بقليل من الأسىٰ والأسف، أنه قد ترك وراءه زوجة وأطفالاً، يمرّ علىٰ ذكرهم مرّ الكرام.
ثمّ يخبرنا بشيء من التواضع أن ليس لديه شيء من المواهب، ولكنّه لا يخلو من النزر اليسير، ومع ذلك فإن طبيعة ملاحظاته تدل علىٰ قدر كبير من الدهاء.
وهو يستعمل مهارته كجندي، ولربما تعلم الفنون، وهو في خدمة بعض الشخصيات في ايطاليا.
ولمّا كانت طرق التجارة، إلى الشرق وإلى شمال أفريقيا، تجتذب المغامرين يومذاك، فإنه عقد العزم علىٰ خوض هذه المغامرة، مهما كان الثمن، وصرّح بأنه ينوي القيام برحلة، تعتبر من أشق وأصعب أنواع الرحلات التي نسجها خياله، وطغت علىٰ أفكاره. فهذا الرجل كان ينوي أن يكون أول مسيحي يتّجه إلىٰ مكّة المسلمة. وعندما غادر ايطاليا لم تكن تلك الفكرة قد استحوذت عليه، بل يبدو أنه بدأ بالتفكير بتلك المغامرة، عندما رأى الفرصة مناسبة لتحقيقها. والأمر الأكيد هو أن «قارتيما» كانت تنتابه بعض الهواجس، وكان يتوق إلى القيام بشيء جديد، كما يتوق الظمآن للماء العذب! 4وهكذا أبحر «قارتيما» من البندقية في عام 1503م، ووصل الاسكندرية،