114ولا ريب، أن الرحالة والمغامرين والمستشرقين الذين قاموا بمهمّات سريّة أو مشبوهة، في عمق المشرق الإسلامي، والحجاز تحديداً، كانوا بمثابة طلائع الاستعمار وأدلَّائه 1.
قارتيما: أوّل المتظاهرين بالإسلام
ويستفاد ممّا جاء، في عدد غير يسير من المراجع الغربية، أن مكّة المكرمة تطرّق إلىٰ ذكرها المؤرخون الغربيون، منذ القدم، كما أشرنا، وأن عدداً من رحالي الغرب ومستشرقيه قد تسنّىٰ لهم الدخول إليها، والاشتراك في مناسك الحج، في مختلف الأدوار السابقة واللاحقة، بعد أن أعلنوا إسلامهم الحقيقي أو غير الحقيقي.
وقد تهيّأ لعدد من هؤلاء أن يكتب عن مجازفاته ومغامراته 2.
وسنكتفي بالإشارة إلى المشهورين من هؤلاء، أمّا المغمورون وأولئك الذين بقيت مهمّاتهم طي الكتمان فهم أكثر بكثير من المعلنين والمعروفين لدينا في الأقل 3.
وأول أوروپي زار مكّة والمدينة، في العصور المتأخرة وكتب عن رحلته، فوصلت كتابته إلينا سالمة واضحة رجل ايطالي مغامر يدعىٰ «لودقيكو قارتيما» « amehtraV ed ocivoduL » 4وإن كان من الصعب أن نتأكد؛ إذا كان قارتيما هو حقيقة أول شخص أوروپي يغامر باختراق الصحراء العربية، فقد ادّعىٰ أكثر من واحد، أنّهم دخلوا مكّة قبل قارتيما، مثل جون كابوت « tobaC nhoJ » الذي ادّعىٰ أنه قد وصل مكّة في الثمانينيات من عام 1480م، بيد أنه وأمثاله لم يكتبوا شيئاً، ولم يتركوا أي شاهد علىٰ رحلاتهم.
ولذلك يبقىٰ لدينا أن «قارتيما» كان أول شخص يخترق صخب الخرافات والفزع، الذي كان يغلّف أواسط وقلب بلاد الإسلام ويخفيه عن عيون الأوروبيين. وأن كان ما نعرف عنه - يقول برينت - هو هذه المغامرة التي قام بها