245وفي تعليق يحيىٰ بن محمد العلوي نقيب البصرة علىٰ هذه الفراسة قال: (لقد صدقت فراسة الحبّاب، فإن الذي خافه وقع يوم الحرّة، وأخذ من الأنصار ثأر المشركين يوم بدر) 1.
واستمرت الهواجس متفاعلة في نفوس الأنصار وجعلتهم لا يتفاعلون مع الوضع الجديد الذي أفرزه اجتماع السقيفة واعترف عمر بن الخطاب بذلك قائلاً:
(وتخلفت عنّا الأنصار بأسرها) 2
ثانياً: تهديد بعض القرشيين للأنصار.
لما بويع أبو بكر واستقر أمره ندم قوم كثير من الأنصار علىٰ بيعته، ولام بعضهم بعضاً (وذكروا علياً وهتفوا باسمه) وجزع لذلك المهاجرون، وكان أشد قريش على الأنصار سهيل بن عمرو فكان يقول: (فادعوهم الىٰ صاحبكم والىٰ تجديد بيعته، فإن أجابوكم وإلّا قاتلوهم) ، والحارث بن هشام (فإنهم قد خرجوا مما وُسِموا به، وليس بيننا وبينهم معاتبة إلّاالسيف) ، وأبو سفيان (وأيم اللّٰه لئن بطروا المعيشة وكفروا النعمة، لنضربنهم على الإسلام كما ضربوا) 3.
فأثارت هذه التصريحات حفيظة الأنصار، وأيقنوا صحة ما يتخوفون منه، وكادت الفتنة أن تحدث لولا المسارعة في اخمادها من قبل الإمام علي عليه السلام، وتأصلت المخاوف في نفوس الأنصار، وكانوا يتعاملون مع غيرهم بحذر، وتتوّج هذا الحذر بأقصى الدرجات بعد وصول الأمويين الى المراكز الحساسة في عهد عثمان بن عفان، ثمّ وقوفهم في وجه الحكم الجديد الذي يقوده الإمام علي عليه السلام، ووقوف الأنصار في صفّه في معركتي الجمل وصفّين؛ للحيلولة دون عودة الأمويين الى الحكم، وتبددت طموحات الأنصار بعد انتقال الحكم الىٰ معاوية ثمّ ابنه يزيد.
ثالثاً: السيادة الأموية في عهد معاوية.