211الدخول إلى المدينة قاموا بمجزرة حقيقية حيث اوقعوا السيف في رقاب النّاس مدّة سبعة عشر يوماً. . . (30) .
واتّخذ ابوطاهر من «الهجر» مقراً وعاصمة لمُلكه، والتي كانت علىٰ مايذكره ياقوت مركز البحرين، وتُطلق هذه التسمية احياناً علىٰ مجموع البحرين (31) .
وكان أبوطاهر يمتلك فدائيين ورجالاً انتحاريين كُثراً مما ساعده علىٰ إحراز النصر في كلّ غزوة كان يقوم بها. ويُقال إنَّ «ابن أبي الساج» لما أراد المسير بجيشه المؤلّف من ثلاثين ألفاً من الجنود نحو القرامطة لمحاربتهم، وإتماماً للحجّة، أرسل إلىٰ أبوطاهر الجنابي رسولاً. فلمّا وصل الرّسول إلىٰ أبوطاهر سأله قائلاً:
كم عدد جنود «ابن أبي الساج» ؟ فأجابه الرسول: ثلاثون ألف فارس. فسخر منه أبوطاهر قائلاً: الحقّ أنّه لا يملك حتّىٰ ثلاثة فرسان. ثمّ التفتَ إلىٰ أحد فرسانه وأمره بقتل نفسه، فاستلَّ هذا خنجراً وشقَّ بطنه في الحال. فقال أبوطاهر للرسول: ما الذي يستطيع «ابن أبي الساج» عمله مع جنود فدائيين كهؤلاء (32) ؟
مهما يكن من أمر فقد كان أبوطاهر مخلوقاً عجيباً، فقد أغار على المدن والمناطق المجاورة وقتل الكثير من سكّانها، ومن هذه المناطق الكوفة والبصرة والرقة والقادسية ورأس العين ونصيبين وكفر توثا والموصل وغيرها من المناطق. بل حتّىٰ وصل به الأمر إلىٰ شنّ حملات ضدّ دمشق وفلسطين إلّاأنّه لم يوفَّق في ذلك، ووصل إلىٰ حدود بغداد لكنّه طفق راجعاً (33) .
وإضافة إلىٰ ما قيل فأبوطاهر كان شاعراً مُجيداً كذلك، ويُلاحظ ممّا نُسِبَ إليه من الشعر كيف يصف طموحاته وأنّه الداعي إلى المهدي بعينه، بكل وضوح.
ويقصد بالمهدي هنا بطبيعة الحال، المهدي الفاطمي الذي خرج في أفريقيا. ومن أشعاره مما يلي:
أغرّكم منى رجوعي إلىٰ هجر
فعمّا قليل سوف يأتيكم الخبر