179وفيه أنّه لماذا لايلزم قبول مابذل؟ فإذا قبل ما بذله الباذل فله التصرّف في الشيء الموهوب له وأن يصرفه في طريق الحجّ. ثمّ إنّ ما نقله عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم:
يوجب الحجّ الزاد والراحلة، فلم يصرّح النبي صلى الله عليه و آله و سلم باشتراط الملكية القبلية فيهما، لأنّه يمكن إحراز الزاد والراحلة ولو من طريق قبول الهبة وغيرها وقبولها جائز بلاشك، أضف إلىٰ ذلك أن الهبة نوع من أنواع التمليك؛ لأنّنا نرىٰ في تعريف الهبة: أنّ الهبة هي تمليك العين من غير عوض 1.
وعلىٰ ذلك فالمبذول له بعد الوثوق بعدم رجوع الباذل عن قوله، يمكن له أن يمتلك الزاد والراحلة أو أثمانهما من قبل الباذل، وبعد التملّك يجب عليه إتيان الحجّ؛ لأنّ المبذول له قد استطاع: (
وللّٰه على النّاس حجّ البيت من استطاع إليه سبيلاً) .
المذهب المالكي:
ومذهب مالك: لايجب الحجّ بالعطيّة من هبة أو صدقة بغير سؤال، ولابالسؤال مطلقاً أي سواء أكانت عادته السؤال أم لا، لكنّ الراجح أن من عادته السؤال بالحضر، وعلم أو ظن الإعطاء في السفر ما يكفيه، يجب عليه الحجّ، أي أن معتاد السؤال في بلده يجب عليه الحجّ بشرط ظنّ الإعطاء، وإلّا فلايجب عليه 2.
ونرىٰ مذهب المالكية أيضاً في كتاب هداية السالك إلى المذاهب الأربعة في المناسك: . . . أن من كانت عادته السؤال في بلده وإن سأل في الطريق أعطي لا يعتبر في حقّه القدرة علىٰ ذلك ويلزمه الحجّ، بخلاف من لايسأل في بلده وإن كان إذا سأل في الطريق أعطي 3.
وفيه ما لا يخفىٰ، حيث إنّهم قالوا بعدم وجوب الحجّ علىٰ من أعطي له الزاد