54يقصّ لنا عن محتويات المكان، وكائنات الطبيعة المطوّاعة المتمثلة للناس، وهي إشارة إلىٰ تمرين الحج على الطبيعة، واشتراك المخلوقات ضمن إنسيابية التسخير مع الإنسان.
إن مفردة «عميق» تفرض مقاومة طبيعية علىٰ «ضامر» والمقاومة هذه متمثلة بطبيعة الخط المكاني المتصل (من كلّ فج) وينتج من الأمر بالحج حالة تعاطي «تعاطٍ» لمنظومة من القوىٰ يفجرها في الأداء التشكيل والتنويع، فيكون الإنسان الحاصد الأخير لجماع المعطيات، وبفضل كيفيات التسخير تتقد مفردة (يأتين) وتومض منها شواظّ تسلّط الأشعة ليس علىٰ مستطيل النص فحسب، وإنما علىٰ تحوّلات وتضاريس الخط المكاني الرابط بين سكن الحاج والميقات، بمعنىٰ أن البؤرة من جهة والواقع من جهة أخرىٰ يتعاطفان في الإفصاح عن الخوافي والكوامن المعدّة تكوينياً وطبيعياً في رحلة الحج، فيما يكون الحرص علىٰ تقريب المفاهيم تمهيداً للقراءة الواضحة البعيدة عن التغميض وتعسفات التأويل.
تبرز لنا القيمة الجمالية هدفاً من انسكاب السرد القرآني في خلاصات بيانية، وذلك في اصطفاء الجمال كأرقىٰ عملية لتوضيح المقاصد العليا للفريضة العبادية، والجمال لا ينبسط بصورة عامة في عرض النص، إنما يترمز في وقفات خاصة ومن عدة زوايا، وهذه الرموز تنقل النصّ نقلات هائلة، وهي تتقدم مع حداثة العصر وتأملات المياه المقدسة لسواقي القرآن، بحيث كلما يتسع المكان وتتنوّع تضاريسه وتتركب معطلاته وتعقيداته فإن نسغاً خالداً في طول النص يعكس أطيافه، ويتوالد بعدة ألوان تغطي آخر قافية معرفية في القرآن.
النسغ هذا: هو وجود الحقيقة المكانية في النصوص كمكون وكجزء صميمي في عملية الشروع بفريضة الحج، وفي أداء مناسكه على السواء. لكن وجودها فرع علىٰ وجود الأصل العبادي الخالص. وهذا هو التكافؤ الذي يحقق