48في أداء الحج تكون فرص المباح أقل مما هي عليه في العبادات الأخرىٰ « والشهرَ الحرامَ والهدي والقلائدَ» 1إذ يجب عدم التعرض للحيوان إذا قُلد بقلادة ويصبح في أمان حتىٰ وهو يأكل من علف غير صاحبه من هنا فإن وحدة الزمان والمكان تحدث سيلاً وتلاحماً بين المخلوقات التي يتدخل الزمان والمكان في حياتها وعمرها. . والميقات يشير إلىٰ ذلك لتكون تجربة الحج تجربة روحية مع الطبيعة. . مع الكون. . مع الذات والآخر. . مع الأشياء كما هو واقعها. . مع الأشكال المادية كما هو انتماؤها الطبيعي الكوني؛ لتنطلق جميعاً متهاديةً إلىٰ محور خالقها.
القبلة والجمال
لم يكن اختيار الكعبة قبلة للمسلمين سدىً، أو أنه مجرد تلبية لرغبة الرسول صلى الله عليه و آله و سلم حين رآه سبحانه يقلّبُ طرفه بين الآفاق، وأن الاختيار للقبلة الجديدة للديانة الخاتمة ليس انقلاباً ضد القبلة السابقة في البيت المقدس.
ملاحظة هذين الأمرين والانتقال من قبة الصخرة إلى الكعبة في مكة يحرر لنا فكرة مهمة هي ظاهرة أرض اللّٰه وصلاحها وأنها مع كائناتها محض خير وفيض وجمال، وأنها تنطوي علىٰ مثال قداسةٍ. إن هذه الفكرة هي التي ترتكن عليها عقيدتنا بقبول الكعبة قبلة جديدة دائمة وخالدة.
فإن طرح «القبلوية» عن المقدس وإضافتها إلى الكعبة لا يخلُّ بطهارة المكان السابق، وإن كان يضفي على الجديد قداسةً.
فإن الجامع بين المكانين المحدّدين بقبة الصخرة والكعبة أو غيرهما من الأماكن الأخرىٰ. هو كونهما طاهرين، وكان يمكن أن يكون أي مكان «كعبوياً» في جهة الغرب أو الشرق مقدساً وطاهراً. لكن اللّٰه اختار الكعبة والبيت الحرام « فَلَنُولينَّكَ قبلةً ترضٰها» 2.