47وإعادة نظم للموجودات في حياة الحاج الفردية والاجتماعية والتوافق معها علىٰ أسلوبية اجتماعية راقية مؤيدة بطاقة وحنان طبيعيّين.
فلتجربة الإنسان مع الماديات وعوالمها قطبان، الأول: مع جواهرها والثاني: مع أشكالها وواقعها ومتىٰ ما تكاملت رؤيته لكل الأبعاد فإنه يقرر في مسيرته الحياتية المحتوىٰ والمثال من جهة، والموضوع والصيغة من جهة أخرىٰ، والإلمام بهذين القطبين في طول الحياة يحدث توازناً اجتماعياً بين قوانين العقيدة والفكر وبين قوانين الواقع والمتغيرات، ومن هنا فلا يكون المسلم الواقعي متعسفاً في تنظيم قضايا المجتمع والمستقبل والمرحلة، ولعلنا من هنا نضع لمسة أخرىٰ في تفسير مفاهيم ومصاديق العصمة والمعجزة والظهور. إذ ليس التكامل هذا بين الإنسان والآخر فحسب بل بينهما والمجتمع وبين الطبيعة والكون.
التنويع الذي يطرحه التشريع بخصوص مثالية التكامل مع الآخر والطبيعة والكون في فريضة الحج، يتسع ليشمل تلوين إطار حياة مجتمع وطبيعة أرض وأعماق تاريخ ومساحة فضاء ويفترضه أولاً في دائرة إنسان واحد (الحاج) بل في فئة معينة من عمره.
التشريعات وكيفيات الأحكام في مناسك الحج أكثر مما هي في أي عبادة، فقد ترىٰ أن عناوين النجاسة والطهارة والسهو والنسيان والغصب، وشرائط العقل والبلوغ والحرية في بعض الفرائض تتجه كلّها نحو تحصين العبادة من غير الجائز أصلاً، أما في عبادة الحج فإن هذه العناوين وأخرىٰ مشابهة ترقىٰ ليس إلىٰ تحصين الحاج والحج من غير الجائز والحرام أصلاً فحسب، وإنما يُفرض نظام حديدي شامل على المحرمات والمباحات والمكروهات، وإلّا فإن قتل برغوث في الصلاة لا يوجب إعادتها أو كفارة ما، وحتىٰ مع الكراهية فإن الصلاة تقع صحيحة تامة. أما في الحج فإن قتل الحيوان يفرض نمطاً معيناً من الإجراء، ولعل