34الموّحد كما لو أنه كائن غير ذي تراب.
ماهي أقدر العبادات على اكتشاف الفكرة والطاقة الجوهرية للإبداع؟ بل ماهي العبادات التي تكون كاشفةً ومبدعةً ومادةً للجمال بنفس الوقت؟ لعل البعض يلخصها بأنها الدعاء والمناجاة، أو أنها تلك التي ترشح اليقظة الروحية أثناء السجود، أو. . .
لا يختلف متأملان علىٰ أن هذه أشكالاً وظواهرَ صالحة تقع مع غيرها من مستلزمات بهذا الشكل أو ذاك؛ لتتم بها الوظيفة. أما الحج فهو الأقدر على الاكتشاف والابداع فهو الفريضة التي يكون الابتداء بل الأنتهاء من مناسكها المدخل الطبيعي للسلوك نحو اللّٰه تعالىٰ. . . فهو ليس فقط وظيفة. . كما أن السعي والطواف فيه ليسا ركناً أو واجباً فقط. . . وأن قوة الواجب فيه ليس كقوة الواجب في إمساك الصوم أو تحديد صباح العيد في إخراج زكاة الفطرة. . . إن الإطار العام للواجب في الحجّ لهو من القوة أن يمنع عن الحاج المباح والمندوب، الذي عادة لا يخلّ الإتيان بهما بواجب الصلاة أو الصوم. . . يتكشف لنا أن في أداء مناسك الحج شيئاً وجامعاً مؤثراً ليس في العبادات الأخرىٰ مثيل له.
إن الزمن بين المنسكين في الحجّ زمن مقدسٌ، ويقع في إطار الرصيد العبادي، ولا يجوز في الغالب ممارسة المباحات فيه. . . وهذه الالتزامات لا تقرّرها طبيعة وشخصية فريضة الحجّ فحسب، وإنما للحج بكامله أبعد أخرىٰ لاتقل أهمية عن الفريضة نفسها. . ومساحة هذه الأبعاد ليس المخلوق العاقل فقط. . بل الأشياء والجمادات والكائنات غير العاقلة وغير الناطقة أيضاً. . ومن هذه الأبعاد جميعاً تنبع القيمة الجمالية للعبادة. .
فالمناسك أداء آخر داخل إطار الأداء العام لفريضة الحج التي تغطي المساحة الزمنية والاجتماعية الواقعة بعد الانتهاء من الحجّ. . ولهذا كان وجوبه