245يبلغ شيء مكانه، أحصىٰ كلّ شيء عدداً، وأحاط بكلّ شيء علماً. ثم إني أشهد ألا إله إلا اللّٰه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى اللّٰه عليه، إمام الهدىٰ والنبيّ المصطفىٰ. وقد ساقنا قدر اللّٰه إلىٰ ما ترون، حتىٰ كان فيما اضطرب من حبل هذه الأمة وانتشر من أمرها، أنّ ابن آكلة الأكباد قد وجد من طغام أهل الشام أعواناً علىٰ علي بن أبي طالب، ابن عمّ رسول اللّٰه وصهره، وأوّل ذكرٍ صلىٰ معه، بدريّ قد شهد مع رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه كلّ مشاهده التي فيها الفضل. ومعاوية وأبو سفيان مشركان يعبدان الأصنام. واعلموا واللّٰه الذي ملك الملك وحده فبان به وكان أهله، لقد قاتل عليّ بن أبي طالب مع رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه، وعلي يقول: صدق اللّٰه ورسوله. ومعاوية وأبو سفيان يقولان: كذب اللّٰه ورسوله. فما معاوية في هذه بأبرّ ولا أتقىٰ ولا أرشد ولا أصوب منه في قتالكم.
فعليكم بتقوى اللّٰه والجدّ والحزم والصبر، وإنكم لعلى الحق وإن القوم لعلى الباطل. فلا يكونن أولىٰ بالجدِّ في باطلهم منكم في حقكم. أما واللّٰه إنا لنعلم أن اللّٰه سيعذبهم بأيديكم أو بأيدي غيركم. اللهم ربنا أعنّا ولا تخذلنا، وانصرنا علىٰ عدونا ولا تخلّ عنا، وافتح بيننا وبين قومنا بالحقّ وأنت خير الفاتحين. والسلام عليكم ورحمة اللّٰه وبركاته أقول قولي وأستغفر اللّٰه لي ولكم. 1قال معاوية لعمرو بن العاص: إن رأس الناس بعد علي هو عبد اللّٰه بن عباس، فلو ألقيتَ إليه كتاباً لعلك ترققه به، فإنه إن قال شيئاً لم يخرج عليّ منه، وقد أكلتنا الحرب ولا أرانا نصل الى العراق إلا بهلاك أهل الشام. قال عمرو: إن ابن العباس لا يُخدع، ولو طمِعت فيه لطمعت في علي فقال معاوية: عليّ ذلك، فاكتب إليه كتاباً في ذلك وكتب في أسفله شعراً، كان أوله:
طال البلاءُ وما يرجى له آسِ
بعد إلاله سوىٰ رفق ابن عباس
فلما قرأ ابن عباس الكتاب أتىٰ به عليّاً فأقرأه شعره فضحك وقال: «قاتل