244فقالوا: اللهم نعم.
قال: فأنشدكم اللّٰه هل علمتم أن رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم أمسك عن القتال للهدنة بينه وبين أهل الحُديبية؟
قالوا: نعم، ولكن عليّاً محا نفسه من خلافة المسلمين.
قال ابن عباس: ليس ذلك يزيلها عنه وقد محا رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم اسمه من النبوة، وقال سُهيل بن عمرو: لو علمتُ أنك رسول اللّٰه ما حاربتك، فقال للكاتب: اكتب «محمد بن عبداللّٰه» . وقد أخذ عليٌّ على الحكمين ألا يجورا، وإن يجورا فعليٌّ أولىٰ من معاوية وغيره.
قالوا: إن معاوية يدعي مثل دعوىٰ عليّ.
قال: فأيهما رأيتموه أولىٰ فولّوه.
قالوا: صدقت.
قال ابن عباس: ومتىٰ جار الحكمان فلا طاعة لهما ولا قبول لقولهما. فاتبعه منهم ألفان وبقي أربعة آلاف 1.
كما أن من معالم شخصيته أنه كان أديباً شاعراً وخطيباً بليغاً، فبعد أن أنهىٰ الإمام علي خطبته قبل معركة صفين محرضاً أصحابه على القتال، قام ابن عباس خطيباً يبين أحقية علي وجبهته وباطل معاوية وجبهته في كلام بليغ جميل يدل علىٰ عمق إيمانه وعظيم بيانه وسعة معرفته ودقة وعيه، وأنه علىٰ بصيرة من أمره:
الحمد للّٰهربّ العالمين، الذي دحا تحتنا سبعاً، وسمك فوقنا سبعاً؛ ثم خلق فيما بينهنّ خلقاً، وأنزل لنا منهنّ رزقاً، ثم جعل كلّ شيء يبلى ويفني غير وجهه، الحيُّ القيوم الذي يحيا ويبقىٰ. ثم إن اللّٰه بعث أنبياء ورسلاً فجعلهم حججاً علىٰ عباده، عُذراً أو نُذراً، لا يطاع إلا بعلمه وإذنه، يمنّ بالطاعة علىٰ من يشاء من عباده ثم يثيب عليها، ويعصىٰ [ بعلم منه ] فيعفو ويغفر بحلمه، لا يقدر قدره، ولا