72حَجَرٌ لا تَضُرُّ ولا تَنْفَعُ، ولولا أنّي رأيتُ رسولَ اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم يُقَبِّلُك لَما قَبَّلْتُك» . فقال له عليّ عليه السلام: «مَهْ يا عُمرُ، بَل يَضُرُّ ويَنْفَعُ؛ فإنّ اللّٰه سبحانه لَمّا أخَذَ المِيثاق علىٰ بني آدم - حيث يقول: « وإذْ أخَذَ ربُّكَ مِنْ بني آدم مِن ظُهورِهم ذُرِّيَّتَهمْ وَأشْهَدُهم على أنفسهم» 1الآية. ألقمه هذا الحجَر ليكونَ شاهداً عليهم بأداء أمانتهم. وذلك معنىٰ قول الإنسانِ - في الدعاء المتقدِّم - عند استلامِه:
أمانتي أدَّيْتُها، وميثاقي تعاهَْدتُه، لِتَشْهَدَ لي عندَ ربِّك بالموافاة» 2.
وأمّا التعلُّقُ بأسْتار الكعبة: والالتصاق بالملتزَم فَلْيستحضِرْ فيه طلبَ القربِ؛ حُبَّاً للّٰهوشوقاً إلى لقائه، تَبَرُّكاً بالمماسّة ورجاءً للتحصُّن من النار. ولتَكُن النيَّةُ في التعلُّقِ بالِستْر الإلحاحَ في طلب الرحمة، وتوجيهَ الذهن إلى الواحد الحقّ، وسؤالَ الأمان من عذابه، كالمُذْنِبِ المتعلِّق بأذيالِ مَن عَصاه، المُتَضَرِّعِ إليه في عفوه عنه، المعترِفِ له بأنّه لا ملجأ منه إلّاإليه، ولا مَفْزَعَ له إلّاعفوه وكرمُه، وأنّه لا يُفارِقُ ذَيلَه إلّابالعفو، وبذل الطاعة 3في المستقَبلِ.
وأمّا السعيُ: بينَ الصفا والمروة في فِناء الَبيت فمثالٌ لتردُّد العبد بفِناء دار المَلِك جائياً وذاهباً مرّةً بعدَ اُخرىٰ؛ إظهاراً للخُلوص في الخدمة، ورجاءً لملاحَظَته بَعينَ الرحمة، كالذي دَخَلَ على المَلِك وهو لا يَدْري ما الذي يَقْضي المَلِكُ في حقِّه مِن قبولٍ أو ردٍّ، فيكون تردُّدُه رجاءَ أنْ يَرْحَمَه في الثانية إنْ لم يكنُ رِحمَه في الأولىٰ.
وليْتَذَكَّرْ عندَ تردُّدِه بينَ الصفا والمروة تردُّدَه بينَ كفّتي الميزانِ في عرصة القيامة، وليُمَتِّلِ الصفا بكفّة الحَسَناتِ والمروةَ بكفّة السيِّئاتِ، وليْتَذَكَّرْ تردُّدَه بينَ الكفّتينِ، ملاحِظاً للرُجحانِ