240وعلىٰ أيّة حال فكتاب الأزرقي يعدُّ أقدم كتاب عن تاريخ مكة وتتسم أخباره ومواضيعه بالدقة، ويضم بين طياته نصوصاً لا يمكن العثور عليها في موضع آخر، ولها أهمية كبيرة ومكانة معتبرة، ولا يستغني عنها الباحثون في تاريخ مكّة وتاريخ الإسلام وأوضاع ذلك الزمان.
نظرة خاطفة علىٰ أبواب وفصول الكتاب:
انتهج الأزرقي في تدوين الكتاب أسلوباً حاذقاً ويتميّز بالسلاسة والبساطة. إذ قسّم مواضيع الكتاب إلىٰ أبواب وفصول وزيّن نصوصه بذكر سلسلة الإسناد.
تبدأ مواضيع الكتاب بالحديث عن الكيفية التي نشأت فيها الكعبة.
ويشير ضمن النصوص إلى السبب في تسمية مكّة بأم القرىٰ. ثم يأتي برواية منقولة عن الإمام الرابع عليه السلام فيها أيضاً إشارة إلىالبيتالمعمور» (ص32-33) .
يتناول الفصل اللاحق كيفية زيارة الملائكة لبيت اللّٰه الحرام، وهبوط آدم عليه السلام إلى الأرض وبناء الكعبة، وأغلب هذه المواضيع منقولة عن وهب بن منبّه وكعب الأحبار. وقول «قرأته في كتاب من الكتب الأول» المنقول كذا قول كعب «وجدت في التوارة. . .» لهي أقوال تستوجب التأمل حقاً. ومما يلفت الانتباه هنا رجوع عمر بن الخطّاب إلىٰ كعب وسؤاله عن الحرم والكعبة وما يتعلّق بهما (ج1، ص40) .
وهب بن منبه وكعب الأحبار من العلماء المطلعين على الديانة اليهودية - الإسرائيلية -، ولهما دور عميق في بث الإسرائيليات والأفكار اليهودية في الديانة الإسلامية. وهذه الأفكار التي يشير إليها العلماء ب «إلاسرائيليات» كان لها تأثير كبير في تغيير أفكار المسلمين. وهذا الموضوع يجب بحثه والتعمّق فيه في موضعه المناسب.