106عدم نقصانها. وترتبت علىٰ ذلك أراء وفتاوى ذكرها الفقهاء عند تعرضهم إلىٰ أحكام الطواف حول الكعبة وشروطه كما سنرىٰ.
الكعبة في مسيرتها التأريخية، من عهد إبراهيم عليه السلام وحتى بناء قريش لها، حافظت علىٰ مساحتها مع أنها بنيت مرّات ٍ في عهود سابقة لكن بناء قريش لها لتصدعها وطول الزمن، كان سبباً للخلاف عند المؤرخين والعلماء. . فذهب فريق منهم إلىٰ أنها أُنقصت منها أذرعاً (5-7) من الجهة الشمالية وأدخلت في الحِجر، بينما ذهب فريق من هؤلاء القائلين بالنقص إلىٰ أن الحِجر كلّه من الكعبة، وقال غيرهم: إن الكعبة لم يُنقص منها شيءٌ، وأن مساحتها - اليوم - كما كانت علىٰ عهد إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام. . .
وبعد أن نبين ما آل إليه هذا السكن المبارك، وبدء تسميته بالحِجر. .
نستعرض تلك الآراء والأقوال وأدلتها، وما توفرنا عليه من روايات حتىٰ نصل إلى الآراء الفقهية وأدلتها علىٰ وجوب إدخال حجر إسماعيل في الطواف، للأدلة الخاصة، أو للسيرة الثابتة عن الرسول صلى الله عليه و آله و سلم حيث كان يُدخله في الطواف، أو لأنه جزء من الكعبة وبالتالي يصدق عليه أنه جزء من البيت العتيق « وليطوفوا بالبيت العتيق» 1أو لأن إسماعيل حَجّر علىٰ قبر أمّه وكره أن يوطأ. . . ، لهذا كان الطواف خارج الحجر.
لقد آل هذا المأوى المبارك، بعد أن كان عريشاً، إلىٰ مقبرة بعد وفاة هاجر، ودفنَها إسماعيل فيه، وحجّر علىٰ قبرها بحائط أو جدار ليمنع الناس من أن يطأوا قبرها. وكانت هذه هي بداية تسميته بالحِجر، لأن الحِجر لغةً بالكسر ثم السكون هو ما حجّرتَ عليه أي منعته من أن يوصل إليه، وكلّ ما منعت عنه فقد حجّرت عليه. . وكذلك سمي ما تركت قريش في بنائها من أساس الكعبة علىٰ عهد إبراهيم وحجرته ليعلم أنه من الكعبة سمي حِجراً لذلك، وهو الذي يسمى الشاذروان.