234الجليل القدر عثمان بن مظعون، واتّفقنا علىٰ أن نصوم النهار ونقوم الليل، ولا ننام على الفرش، ولا نأكل اللحم ولا الوَدَك، ولا نقرب النساء والطيب، ولا نلبس المسوح، ونرفض الدنيا ونسيح في الأرض ونترهب ونجبّ المذاكيرَ.
فبلغ ذلك رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله فجمعنا، وقال: ألم أُنبَّأ أنكم اتّفقتم علىٰ كذا وكذا؟
فقلنا: بلى يا رسول اللّٰه! وما أردنا إلّاالخير.
فقال لنا: إني لم أُومَر بذلك، إنّ لأنفسكم عليكم حقاً، فصوموا وأفطروا، وقوموا وناموا، فإني أقوم وأنام، وأصوم وأفطر، وآكل اللحم والدّسم، ومن رغب عن سنّتي فليس منّي، ثمّ خرج إلى الناس وخطبهُم فقال:
ما بال أقوامٍ حرّموا النساءَ والطعام، والطيب والنوم، وشهواتِ الدنيا؟
أما إني لست آمركم أن تكونوا قسّيسينَ ولا رهباناً، فإنّه ليس في ديني تركُ اللحم والنساء، ولا اتخاذ الصوامع، وإن سياحة أُمتي الصوم، ورهبانيتها الجهاد؛ واعبدوا اللّٰه ولا تشركوا به شيئاً، وحُجُّوا واعتمروا، وأقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وصوموا رمضان؛ فإنّما هلك مَنْ كان قبلكم بالتشديد، شدّدوا علىٰ أنفسهم فشدّد اللّٰه عليهم، فأُولئك بقاياهم في الدِّيارات والصوامع.
فأنزل اللّٰه تعالى تلك الآية.
وقلنا: يا رسولَ اللّٰه! كيف نصنع بأيماننا التي حلفنا عليها؟
وكنّا حلفنا علىٰ ما عليه اتّفقنا.
فأنزل اللّٰه تعالى: « لا يؤاخذكم اللّٰه باللغو في أيمانكم» .
ومما قاله رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله فيّ وما سمعته منه:
أمرني اللّٰهُ - عزّ وجلّ - بحبّ أربعة من أصحابي، وأخبرني أنه يحبّهم:
عليّ، وأبو ذر، وسلمان، والمقداد الكندي.
ألا إنّ الجنّة اشتاقت إلى أربعة من أصحابي، فأمرني ربّي أن أُحبَّهم: