196
كأن لم يكن بين الحُجُون إلى الصّفا
كل هذه الأقوال لشعراء عبروا عن الحجون، فأين الحجون؟ المعروف اليوم ريع الحجون وتقول العامة: الحجول كما قدمنا، ولكن هذا الريع ما كان يسمى الحجون في عهد أولئك الشعراء، بل كان يسمى كداء وهو الذي يقول فيه حسان بن ثابت، يخاطب مشركي قريش:
عدمتم خَيْلنا إن لم تروها
تثير النقع موعدها كَدَاء
ولم يتعمق جغرافيو المتقدّمين في تحديد الحجون، ولعل ذلك لبعدهم عن مكة. ومَن شاهدها منهم شاهدها مشاهدة الزائر الغريب، وما ستأتي به مشاهدات غريب؟ إن لم يكن له من أهل البلد راوية ومرشد. وعندما قام الأستاذ رشدي ملحس بتحقيق أخبار مكة، تأليف محمد الأزرقي، توهم أن الحجون حجونان: أحدهما جاهلي، والآخر إسلامي، ولا أرى ذلك. بل إن لدينا نصوصاً من أهمها نصّ الأزرقي نفسه، علىٰ أن الحجون هو الجبل الذي يمتد من ريع الحجون اليوم مشرقاً بشمال، ويكون وجهه الشرقي جبل أذاخر الذي يشرف علىٰ ثنية أذاخر التي تفضي على الخُرمانية (حائط خرمان) وهي الثنية التي دخل منها رسول اللّٰه ( صلى الله عليه و آله) يوم الفتح، فإذاً جبل الحجون هو ذلك الجبل الذي تقع مقبرة أهل مكة القديمة بسفحه من الجنوب الغربي، وفي هذه المقبرة قبر خديجة رضي اللّٰه عنها.