132الانشغال والانصراف، فإنّ اللّٰه أكبر من كلّ ذلك وأجلّ وأعظم، وهو الباقي وما في هذه الدنيا زائل، وهو الحقّ وما في هذه الدنيا باطل، وهو العظيم وما في هذه الدنيا حقير. وهذا هو البُعد الثاني الذي تتضمنّه تكبيرة الإحرام. وهذا البُعد يستنبطه معنى «أفعل التفضيل» في التكبيرة.
ويستحب أن يفتح المقيم للصلاة صلاته بسبع تكبيرات، ليؤكّد ويعمّق في نفسه حالة الإقلاع والفصل عن الدنيا، ويتجاوز بها الحجب التي تحجبه عن اللّٰه تعالى، ليمكنه بعد ذلك أن ينطلق إلى اللّٰه في هذه الرحلة العجيبة.
وقد روي في تعليل التكبيرات السبعة في افتتاح الصلاة: «أنّ النبي صلى الله عليه و آله لمّا أُسري به إلى السماء قطع سبعة حُجب، فكبّر عند كلّ حجاب تكبيرة، فأوصله اللّٰه - عزّ وجلّ - بذلك إلى منتهى الكرامة» 1.
والتلبية مفتاح الحج:
وينطلق الحاج إلى الحجّ من «الميقات» ب «التلبية» ، والتلبية مفتاح الحجّ، كما أنّ التكبيرة مفتاح الصلاة، ومن دون التلبية لا يتمكّن الحاج من أن ينطلق في هذه الرحلة المباركة التي شقّ طريقها إليها أبونا إبراهيم عليه السلام، وعمّقه، ووكده ابنه المصطفىٰ خاتم الأنبياء صلى الله عليه و آله.
ولا يتأتّىٰ للإنسان أن ينطلق إلى اللّٰه في هذه الرحلة الإبراهيمية في الاستجابة لدعوة اللّٰه تعالى، من دون أن يفتح كلّ قلبه في هذه الاستجابة، ويلبّي الدعوة إلى هذه الضيافة التي ينعم بها اللّٰه تعالى على عباده في كلّ سنة، عند بيته المحرّم، بكلّ مشاعره وأحاسيسه وعقله وقلبه.
ولا تتأتّىٰ له هذه الاستجابة وهذا والانفتاح علىٰ هذه الدعوة إذا كان لا يعرض في هذه الرحلة - على الأقل - عن كلّ دعوة أُخرىٰ يدعوه إليها ما في