131العلائق والوشائج ومن الهمّ والتفكير في الدنيا والانشغال بها، فإذا أمكنه أن يقلع في صلاته عن ذلك كلّه أمكنه أن يعرج في صلاته إلى اللّٰه، وأن يتمتع في هذه الرحلة بلذّة لقاء اللّٰه، وأن يعيش فيها آفاق اللقاء الرحبة المباركة، وأن يتمتع بمواهبها وكنوزها.
ومفتاح ذلك كلّه «تكبيرة الإحرام» ، فإنّها إذا أدّاها مقيم الصلاة أداءً صحيحاً تفصله مرّة واحدة، - وبحركة سريعة خفيفة عمّا حوله - فصلاً سريعاً قويّاً.
فإنّ تكبيرة الإحرام تتضمّن بُعدين، أحدهما يتضمّن الآخر، وهما معاً يقوّمان معنى هذه التكبيرة العظيمة التي يفتح بها المصلّي صلاته.
البُعد الأول: تكبير اللّٰه تعالى وتعظيمه. واللّٰه كبير عظيم، ذو الجلال، والكبرياء، والعظمة، إلّاأنّ هذا التكبير يتضمّن معنًى رقيقاً يستحقّ الكثير من التأمل والتفكير، وهو معنى «أفعل التفضيل» في هذه الكلمة، ومقارنة كبرياء اللّٰه - تعالى - إلى وضاعة الدنيا، وجلال اللّٰه إلى حقارة ما يشغله ويصرفه عن اللّٰه.
فكلّ ما في هذه الدنيا ممّا دون اللّٰه حقير وضيع، ومتاع زائل، ومن سقط المتاع ومتاع الغرور.
« إعلموا أنّما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيثٍ أعجب الكفار نباتهُ ثمّ يهيج فتراه مصفرّاً ثمّ يكون حُطاماً وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من اللّٰه ورضوان وما الحياة الدنيا إلّامتاع الغرور» 1.
ومتاع مثل هذا المتاع زائل ووضيع لا يستحق أن يصرف الإنسان ويشغله عن اللّٰه ذي الجلال والاكرام، ولو اللحظة واحدة، ولا يحسن به أن يرافقه في هذه الرحلة، فيشغله عن اللّٰه، ويصرفه عنه تعالى، ولو لبعض الوقت، وببعض