130فإنّ كلاًّ من الصلاة والحج، رحلة إلى اللّٰه تعالى. وكلّ رحلة إلى اللّٰه عروج وصعود. ولابدّ في هذا العروج من أن ينفصل عن هذه الدنيا ويقلع عنها اِقلاعاً كاملاً بصورة مؤقتة خلال هذه الرحلة، وما لم يقلع الإنسان في صلاته وحجّه عن دنياه، وما لم يتحرّر من الأواصر والعلائق التي تشدّه إلى هذه الدنيا شدّاً، لا يستطيع الإنسان أن يجد في صلاته وحجّه ذوق العروج والسفر إلى اللّٰه.
وليس يدعو الإسلام الناس إلى أن يفصلوا أنفسهم عن دنياهم التي لابدّ لهم منها، ولا يريد منهم أن يعرضوا عن هذه الدنيا وما فيها من لذّة ونعيم وعلائق ووشائح تشدّهم بها، وإنّما يطلب منهم أن يتحرّروا في حياتهم من أسر التعلّق بهذه الدنيا وحبّها والافتتان بها. وهذا رأي الإسلام في التعامل مع الدنيا.
تكبيرة الإحرام مفتاح الصلاة:
فإذا أقبل العبد على اللّٰه - تعالى - في صلاته فلابدّ من أن يفصل نفسه عن هذه الدنيا وما فيها من علائق ووشائج ولذّة وفتنة فصلاً كاملاً؛ لكي يستطيع أن ينعم بلذّة العروج والصعود إلى اللّٰه في الصلاة.
ففي هذه الرحلة العجيبة التي يكرم اللّٰه - تعالى - بها عباده في كلّ يوم خمس مرّات، يمرّ الإنسان بآفاق رحبه من الحمد، والعبادة، والاستعانة باللّٰه، والتوحيد، والتعظيم، والدعاء، والتسبيح، والتأليه، والذكر، والشكر، والتضرّع، والإبتهال، والمناجاة، والتسليم له، وما لا أعرف من آفاق العبودية للّٰه، وليس بإمكان الإنسان أن يقطع هذه الآفاق الرحبة المباركة من لقاء اللّٰه، ما لم ينفصل بشكل كامل عن هذه الدنيا وما فيها من لذّة ونعيم وعلائق ووشائج وهمّ وحرص وقلق وانشغال، فإنّها تصرفه وتشغله عن آفاق اللقاء في هذه الرحلة.
وأشدّ ما في الصلاة، هو هذا الانفصال والإقلاع عمّا حول الإنسان من