225ويعقوب حفيد إبراهيم. ولا يقال: عن إبراهيم: إنّه يهودي؛ لأنّ اليهودي ينسب إلى (يهوذا) رابع أبناء يعقوب. ولا يقال: إنه عبري إذا كان المقصود بالعبرية لغة مميزة بين اللغات السامية، تتفاهم بها طائفة من الساميين دون سائر الطوائف، فإنّ إبراهيم كان يتكلّم بلغة يفهمها جميع السكان في بقاع النهرين وكنعان، ولم تكن العبرية قد انفصلت عن سائر اللغات السامية في تلك الأيام. وقد يقال عنه:
إنّه ساميينتمي إلى سام بن نوح، ولكنّها نسبة إلى جدّ وليست نسبة إلى قوم 1.
لذا فإبراهيم عليه السلام لم يكن يهودياً قطّ ولا نصرانياً كما يدّعي المدّعون، وما زعمُ «بني إسرائيل» بأنه يهودي، وأنهم على دينه يخالفون النصارى الذين زعموا ذات الزعم، فنزلت فيهم كلمة اللّٰه الفصل ببطلان قولهم أجمعين، حيث إن التوراة نزلت من بعده بنحو سبعمائة عام، والإنجيل من بعده بنحو تسعمائة وخمسين عاماً. وعليه فما كان لليهودية أو المسيحية وجود في عهده عليه السلام، ففيم هذه المحاجاة في شأن إبراهيم، وهو الذي مال عن الأديان والعقائد الوثنية كافة الى الدين القيم مسلماً موحِداً غير مشرك باللّٰه، قال تعالى: «يا أهل الكتاب لِمَ تحاجّون في إبراهيم وما أُنزلت التوراة والإنجيل إلّامن بعده أفلا تعقلون ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلِمَ تحاجّون فيما ليس لكم به علم واللّٰه يعلم وأنتم لا تعلمون ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين» 2.
ثم تستطرد الآيات الكريمة القول بأن أحقّ الناس بإبراهيم عليه السلام أولئك الذين اهتدوا برسالته، واتّبعوا نور دعوته في زمانه، وهذا النبي محمد صلى الله عليه و آله: النبيّ الأُميّ لموافقته له في أكثر شرعه والذين آمنوا من أمّته، هم الذين ينبغي أن يقولوا نحن على دينه لا أنتم. واللّٰه ناصر المؤمنين وحافظهم: «إن أولى الناس بإبراهيم للَّذين اتبعوه وهذا النبيّ والذين آمنوا واللّٰه وليّ المؤمنين» 3.