213بإعادة المال، وبدل أن يقف الخليفة بجانبي كتب إليّ: «إنما أنت خازن لنا فلا تتعرّض للوليد فيما أخذه من المال» .
فلم يتأخّر جوابي: «كنت أظن أني خازن لمال المسلمين، فأما إذا كنت خازناً لكم فلا حاجة لي في ذلك» . ثمّ خرجت إلى مسجد الكوفة وقلت: «يا أهل الكوفة، فقدتُ من بيت مالكم الليلة مائة ألف لم يأتِني بها كتاب أمير المؤمنين، ولم يكتب لي بها براءة. . .» .
ثمّ أعلنتُ استقالتي، وقلت:
«مَن غيّر غيّر اللّٰه ما به، ومَن بدّل أسخط اللّٰه عليه، وما أرى صاحبكم إلّا وقد غيّر وبدّل. . . إنّ أصدق القول كتاب اللّٰه، وأحسن الهدى هدى محمد صلى الله عليه و آله، وشرّ الأمور محدثاتها، وكلّ بدعة ضلالة، وكلّ ضلالة في النار» .
فلما سمع الوليد كلّ ذلك، كتب كتاباً آخر إلى الخليفة عثمان قال فيه:
إنّه يعيبك، ويطعن عليك.
فأمر عثمان الوليد بإشخاصي إليه في المدينة، فما كان من أهل الكوفة إلّا أن اجتمعوا بسلاحهم حولي قائلين: أقم ونحن نمنعك أن يصل إليك شيء تكرهه، فقلت: إنّي لا أحبّ أن أكون أول من فتح باب فتنٍ لا تبقي ولا تذر. فأوصيتهم بتقوى اللّٰه، ولزوم القرآن.
ثمّ خرجتُ من الكوفة فيما راح أهلها يودعونني بحزن وأسى قائلين:
جزيت خيراً، فلقد علمت جاهلنا، وثبّت عالمنا، وأقرأتنا القرآن، وفقهتنا في الدين، فنعم أخو الإسلام أنت، ونعم الخليل. . . .
ولمّا وصلتُ مسجد رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله في المدينة إذ الخليفة يلقي كلمته، فلمّا رآني قال: ألا إنه قد قدمت عليكم دويبة سوء من يمشي علىٰ طعامه يقيء ويسلح.
فقلت: لستُ كذلك، ولكنّي صاحب رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله يوم بدر ويوم بيعة الرضوان.
وقد أثار كلام الخليفة أمّ المؤمنين عائشة فقالت: أي عثمان،