71ولد صلى الله عليه و آله و سلم بمكة يوم الجمعة أو يوم الاثنين. . . وكانت ولادته في الدار المعروفة بدار ابن يوسف وهو محمد بن يوسف أخو الحجاج وكان صلى الله عليه و آله و سلم وهبها لعقيل بن أبي طالب فلمّا توفى عقيل باعها ولده من محمد بن يوسف أخي الحجاج، فلمّا بنى داره المعروفة بدار ابن يوسف ادخل ذلك البيت في الدار ثم أخذته الخيزران امّ الرشيد فأخرجته وجعلته مسجداً يصلى فيه وهو معروف الىٰ الآن يزار ويصلى فيه ويتبرك به ولما أخذ الوهابيون مكة في عصرنا هذا هدموه ومنعوا من زيارته على عادتهم في المنع من التبرك بآثار الأنبياء والصالحين وجعلوه مربطاً للدواب 1.
وقال تقي الدين الفاسي المكي (م 832 ه) :
ولد صلى الله عليه و آله و سلم بمكة في الدار التي كانت لمحمد بن يوسف أخي الحجاج بن يوسف. ويقال: بالشعب. ويقال بالردْم 2. ويقال: بعسفان، قلت: قال السهيلي: ولد بالشعب. وقيل: بالدار التي عند الصفا. وكانت بعد: لمحمد بن يوسف أخي الحجاج. ثم بنتها زبيدة مسجداً حين حجت. انتهى. والدار التي عند الصفا: هي دار الخيزران، ودار ابن يوسف بسوق الليل، وهي الموضع المعروف بمولده عليه الصلوة والسلام. وهذا الذي قاله السهيلي في ولادته بالدار التي عند باب الصفا غريب واللّٰه أعلم. انتهى 3.
وجاء في السيرة الحلبية ما يلي:
وكان مولده صلى الله عليه و آله و سلم بمكة في الدّار التي صارت تدعى لمحمد بن يوسف أخي الحجاج أي وكانت قبل ذلك لعقيل بن أبي طالب ولم تزل بيد أولاده بعد وفاته إلى أن باعوها لمحمد بن يوسف أخي الحجاج بمائة ألف دينار قاله الفاكهي أي فأدخلها في داره وسماها البيضاء أي لأنها بنيت بالجصّ ثم طليت به فكانت كلها بيضاء وصارت تعرف بدار ابن يوسف لكن سيأتي في فتح مكة أنه قيل له صلى الله عليه و آله و سلم: يا رسول اللّٰه تنزل في الدور؟ قال: هل ترك لنا عقيل من رباع أو دور. فان هذا السياق يدل على أن عقيلاً باع تلك الدار فلم يبق بيده ولا بيد أولاده بعده الّا أن يقال المراد باع ما عدا هذه الدار التي هي مولده صلى الله عليه و آله و سلم. . . وأن عقيلاً باع دار رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم التي هي دار خديجة أي التي يقال لها مولد فاطمة وهي الآن مسجد يصلى فيه بناه معاوية أيام خلافته، قيل وهو أفضل موضع بمكة بعد المسجد الحرام أي واشتهر بمولد فاطمة، لشرفها والّا فهو مولد بقية اخواتها من خديجة ولعل معاوية اشترى تلك الدار ممن اشتراها من عقيل ويدل لما قلناه قول بعضهم لم يتعرّض صلى الله عليه و آله و سلم عند فتح مكة لتلك الدار الّتي أبقاها في يد عقيل أي التي هي دار خديجة فانّه لم يزل بها صلى الله عليه و آله و سلم حتى هاجر فأخذها عقيل. وفي كلام بعضهم لما فتح النبي صلى الله عليه و آله و سلم مكة ضرب مخيمة بالحجون فقيل له: ألا تنزل منزلك من الشعب؟ فقال: وهل ترك لنا عقيل منزلاً. . . وهي أي تلك الدار التي ولد بها صلى الله عليه و آله و سلم عند الصفا قد بنتها زبيدة زوجة الرشيد أم الأمين مسجداً لما حجت. وفي كلام ابن دحية أن الخيزران أم هارون الرشيد لما حجت أخرجت تلك الدار من دار ابن يوسف وجعلتها مسجداً ويجوز أن تكون زبية جددت ذلك المسجد الذي بنته الخيزران فنسب لكل منهما وأن الخيزران بنت دار الأرقم مسجده وهي عند الصفا ايضاً ولعلّ الأمر التبس على بعض الرواة لأن كلا منهما عند الصفا وقيل ولد صلى الله عليه و آله و سلم في شعب بني هاشم.
ثم الحلبي يقول: قد يقال لا مخالفة لأنّه يجوز أن تكون تلك الدار من شعب بني هاشم، ثم رأيت التصريح بذلك،