40واضح، وهذه المعرِّفات قد تكون كلها صحيحة، فهو وادٍ دفن فيه ابن عمر وفيه بئر، وقد وقعت فيه معركة فخ التي ذكروا بأنها من الشدّة بحيث لم تكن مصيبة بعد كربلاء أشد وأفجعَ من فخّ 1.
وفخ قد اختلف فقهاء الإماميّة في كونها ميقاتاً للصبيان على قولين:
الأوّل: ذهب جمع من فقهاء الإماميّة (رضوان اللّٰه عليهم) الىٰ كون فخ ميقاتاً للصبيان، بمعنى جواز تأخير إحرامهم الىٰ هذا المكان من دون تعيّن ذلك عليهم، واستدلوا لذلك بصحيح أيوب بن الحر قال: « سُئل الإمام الصادق عليه السلام عن الصبيان: من أين يجرّد الصبيان؟ قال عليه السلام: كان أبي يجرّدهم من فخ» 2هذا إذا مرّوا من طريق المدينة، أمّا إذا مرّوا من طريق آخر فيحرمون من الميقات الذي مرّوا عليه.
فقد ذكر جماعة: أن في الرواية كناية عن جواز إحرامهم من فخ (بل ربما نسب الىٰ الأكثر، بل في الروضة يظهر من آخر عدم الخلاف فيه) .
الثّاني: ذهب آخرون الىٰ أن إحرام الصبيان من الميقات، ولكن رُخص لهم في لبس المخيط الىٰ فخ، فإذا وصلوا الىٰ فخ جرّدوا منه، استناداً الىٰ ظاهر الصحيح المتقدم في حمله على الحقيقة، وظاهر الروايات المقتضية لزوم الإحرام من الميقات.
وإذا كان إحرام الصبيان من الميقات مطلقاً في حجّ أو عمرة، وكان مطلقا حتى لمن كان من أهل مكة وأراد العمرة المفردة، كما هو ظاهر إطلاقهم ذلك، فحينئذٍ على القول الثاني يكون إحرام المعتمر من التنعيم الحالي البالغ بعده ستة كيلومترات، مع أن الصبي يحرم من الميقات، ولكن يجرّد من فخّ الذي يبعد ستة كيلومترات أيضاً، وهذا فيه بعد عرفي واضح؛ يكون الصبي في هذا الحكم أشد حالاً من البالغ، أمّا بالنسبة إلى القول الأول فإنّ الصبي والبالغ في هذا الحكم سيّان، مع أن العرف يرىٰ لابديّة أن يكون إحرام الصبي أسهلَ من البالغ إذا أردنا الإرفاق به 3.
جواب التشكيك:
ولنا في الجواب على هذا التشكيك عدّة مسالك نستعرضها إن شاء اللّٰه تعالى:
1 - جواب التشكيك من الناحية الفقهية:
نقول: إن الأقوال المتقدمة في تقدير المسافة الىٰ موضع الإحرام في التنعيم وإن كانت مختلفة اختلافاً غير يسير، إلا أن هذا الاختلاف بين المؤرخين والجغرافيين لا يجيز لنا رفع