25حسب هذه النّظرية، لو أراد شخص أن يؤكّد أقواله أو ينقض أقوال الآخرين، ولم يمزج ذلك بقسم، ولم يشدّد على قوله بيمين، فليس ذلك من الجدال في الحجّ ولم يصدر بشأنه نهي 1. ولكي نعطي صورة أكمل عن نظرية الشّيعة في هذا الصدد، نذكر خلاصة لما ذكره المرحوم الشيخ محمّد النجفي الإصفهاني حول الجدال في الحج:
« والجدال كتاباً وسنّة وإجماعاً بقسميه 2هو على ما في أكثر كتب الأصحاب أو جميعها وأكثر النصوص، قول « لا واللّٰه» و « بلى واللّٰه» 3.
ونحن نذكر بعض النصوص على سبيل المثال:
صحيح معاوية بن عمّار، قال: سألت أبا عبد اللّٰه (جعفر بن محمّد الصّادق) عليه السلام عن رجل يقول: « لا لعمري» وهو محرم؟ فقال: ليس بالجدال، وإنما الجدال قول الرّجل « لا واللّٰه وبلى واللّٰه» ، وأما قوله « لا ها» فإنما طلب الاسم، وقوله « يا هناه» فلا بأس به، وأما قوله « لا بل شانيك» فإنه من قول الجاهلية 4.
وفي خبر أبان بن عثمان عن أبي بصير - على ما في التهذيب 5- قال أبو عبد اللّٰه عليه السلام: « إذا حلف الرّجل ثلاث أيمان 6- وهو صادق، وهو محرم - فعليه دم يهرقه، وإذا حلف يميناً واحدة كاذباً فقد جادل، فعليه دم يهرقه» 7.
لكن روي عن أبي بصير في خبر آخر أنه قال: سألته عن المحرم يريد أن يعمل العمل فيقول صاحبه: « واللّٰه لا تعمله» ، فيقول: « واللّٰه لأعملنّه» فيخالفه مراراً، أيلزمه ما يلزم صاحب الجدال؟ قال: إنما أراد بهذا إكرام أخيه، إنما ذلك ما كان فيه معصية» 8.
الجدال عند الإمامية قول « لا واللّٰه وبلى واللّٰه» بدليل إجماع الطائفة وطريقة الاحتياط، وأما قول المخالف: « ليس في لغة العرب أنّ الجدال هو اليمين» ليس بشيء؛ لأنه ليس بممتنع أن يقتضي العرف الشّرعي ما ليس في الوضع اللغوي. . . ، بل ظاهر الروايات اعتبار الكذب أو كونه معصية مع ذلك، فلو جادل صادقاً لم يكن عليه شيء، مؤيد ذلك بأصل البراءة، وبنَفْي الضرر والحرج في الدين، وبأنه ربما وجب عقلاً وشرعاً، إلا أن عموم النص والفتوى، وخصوص نص الكفارة على الصّادق بخلافه، ولعل هذا ما دعا الجبعي [ العاملي ] إلى القول في الدّروس 9:
« الجدال فاحشة إذا كان كاذباً أو في معصية، فاذا قاله مرّتين فعليه شاة» 10.
ويقول صاحب الجواهر:
« ثمّ إن الظاهر عدم اعتبار وقوع الأمرين (يعني « لا واللّٰه» و « بلى واللّٰه») في تحقق الجدال، فيكفي أحدهما. . .
فتلخص مما ذكرنا كون الجدال الحلف باللّٰه بالصيغة المخصوصة يعني « لا واللّٰه» أو « بلى واللّٰه» ، لا مطلق الحلف باللّٰه وإن لم يكن بالصيغة المزبورة» 11.
2 - الجدال في الحجّ في رأي المفسرين وفقهاء أهل السّنة:
ولكبار المفسرين والفقهاء من أهل السنة آراؤهم المتعددة في تفسير « الجدال في الحجّ» ونحن نلقي عليها الضوء باختصار:
* يعقد الطبري وغيره في تفاسيرهم بحثاً مفصلاً بشأن الجدال في الحجّ، ملخصه ما يلي: