24أيضاً ذهبوا إلى أن الفترة هي شوال وذو القعدة وبعض أيام من ذي الحجة وقيل: إنها العشرة الأولى من هذا الشهر 1.
من هنا لا يجوز تقديم المناسك ولا تأخيرها عن هذه الأشهر، كما كان يفعل النسأة الذين كانوا يجيزون تقديم الحج وتأخيره، وقد قال اللّٰه تعالى: «إنّما النسيء زيادة في الكفر يُضلّ به الّذين كفروا يُحلّونه عاماً ويُحرّمونه عاماً ليواطئوا عدّة ما حرّم اللّٰه فيُحلّوا ما حرّم اللّٰه، زيّن لهم سوء أعمالهم واللّٰه لا يهدي القوم الكافرين» 2.
النسأة هم الذين أحلّوا التقديم والتأخير في الحج.
ومن أوجب على نفسه الحجَّ في هذه الأشهر - أي الأشهر المحدّدة لإحرام الحج - وأحرم فيها لعمرة التمتع على رأي الشيعة، فلا يجوز له أن يمارس الأعمال الجنسيّة من جماع وتلذّذ: «فلا رفث» . ولا يجوز له الكذب، كما يجب أن يصون لسانه من سبّ المؤمن وشتمه، فقد قال رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم: « سباب المؤمن فسوق وقتاله كفر» 3.
وقيل: إن المراد بالفسوق كل ألوان المعاصي. وقال بعضهم: « إنه التنابز بالألقاب» أو « الكذب» 4، ولا جدال في الحجِّ.
وكل ما يقدّمه الإنسان من عمل صالح، فاللّٰه به عليم، ولعدله يثيب الصّالحين على ما قدّموا من خير. وتأمر الآية بالتزوّد في الحجّ بما يحتاجه المسافر في الطريق، أو بالأعمال الصالحة التي هي زاد الآخرة، «فإنّ خير الزاد التقوى» .
وتؤكد الآية الكريمة على التقوى لأجل مطالبة أهل العقول أن يتّقوا اللّٰه «واتقون يا أولي الألباب» ، هذا هو موجز تفسير الآية المذكورة في سورة البقرة.
* والذي نريد أن ندرسه ونمعن النظر فيه بدقة هنا، هو الجدال المنهي عنه في هذه الآية، ذلك لأن فئة من السطحيين أو المتزمتين الجاهلين، أو الفقهاء المأجورين للمستكبرين، المنفذين لأوامر السلاطين، اتخذوا من هذه الآية ذريعة لتوجيه سياط نقدهم إلى المسلمين، الذين يرفعون صوتهم في موسم الحجِّ بلعن شياطين الإنس والجن، والذين يستهدفون توعية المسلمين واستنهاضهم.
« ولا جدال في الحجِّ» ، ما هو الجدال المَنهي عنه في الحجِّ؟
ألف - ما هو المقصود من هذا الجدال؟
1 - آراء المفسرين وعلماء الشيعة في هذا المجال:
ذكر المفسرون وفقهاء الشيعة أن الجدال في الحج هو قول: « لا واللّٰه» و « بلى واللّٰه» جدير بالذكر أن هذا القول هو الحدّ الأدنى من الجدال، حيث يروم الفرد بذلك القسم أن يصرّ على قوله ورأيه، أو ينقض رأي مخاطبه ليرجّح عليه رأيه.
من هذا يتبيّن أن « الجدال في الحجّ» - بهذا المفهوم - مقرون بالقسم، أي مقرون بالتشديد والتأكيد، وهذا المعنى يرتبط بما ذكرناه بشأن الأصل اللغوي لكلمة الجدال.