185تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا، كتاب اللّٰه ربكم» .
الحجُّ هو العبودية الخالصة للّٰه:
والآن لننظر في حقيقة ما يفيدنا به الحج. فهل نحن نفهم الحج على حقيقته؟ ! إن الحج هو العبودية الخالصة للّٰه وحده. إننا نرجم إبليس ثم نرزح أمام نير إبليس ونقع في قبضته.
هل الحجُّ مجرد طقوس بلا معنى ولا هدف؟
لقد أراد بعض المسلمين أن يجمدوا معنى الحج ويحجروا عليه ليجعلوه جسداً بلا روح، وطقوساً بلا معنى.
وكذلك الصلاة، فمتى كانت الصلاة مجرد حركات وسكنات، إذن لم تكن في حقيقتها تحمل معنى التجرد من كل عبودية لغير اللّٰه. .
كيف يرتع بعض المسلمين في أكناف المستعمرين الكافرين، ويأتمرون بأمرهم ويستمدون القوة منهم، ثم يدّعون الإسلام، والعبادة للواحد الديان. .
يقول تعالى: «أرأيت الذي ينهى عبداً إذا صلى» 1فكيف بمن ينهى أحداً عن أية عبادة للّٰه. كيف يجوز لأحد من المسلمين أن ينهى مسلماً عن ممارسة أية عبادة للّٰهفي بيته الحرام، الذي جعله مثابةً للناس وأمناً؟ «وما نقموا مِنهم إلّاأن يؤمنوا باللّٰه العزيز الحميد» 2.
إن الحج أعظم فرصة وأكبر سوق لتجارة التقوى والتقرب من اللّٰه، وكل من يمنع أحداً من المسلمين من ممارسة هذا الحق فهو مخالف لحقيقة الإسلام.
يجب أن ينتبه كل مسلم مهما كان نوعه ولونه أن الحج دورة تدريبية يتحرر فيها المسلم من أنواع الخضوع والعبودية لغير اللّٰه، على مستوى الفرد والجماعة، وأنه مطالب إذا رجع إلى وطنه أن يعمل على جعل مجتمعه متحرراً من كل أنواع الاستعباد والاستعمار للقوى غير الإسلامية، وخاصة تلك التي تحارب الإسلام وتريد محوه ومحقه.
إن الحج هو امتحان لنا واختبار لمدى إيماننا ويقيننا بخالق الوجود، الذي هو خالق كل نور وكل طاقة وكل قوة وكل شيء، والذي هو فوق كل فرد عظيم أو دولة عظمى. يقول سبحانه في سورة النور:
« اللّٰه نور السموات والأرض، مثل نوره كمشكاة فيها مصباح، المصباحُ في زُجاجة الزجاجةُ كأنها كوكب درّي، يوقد من شجرة مباركة زيتونة، لا شرقية ولا غربية. . .» 3.