176يقول ابن سعد (ص 14) :
رجعت بنو زهرة من الجحفة، أشار عليهم بذلك الأخنس بن شريف الثقفي. وكان بنو زهرة يومئذ مائة رجل وقال بعضهم: بل كانوا ثلاثمائة رجل. وكانت بنو عدي بن كعب مع النفير. فلما بلغوا ثنية لفت عدلوا في السحر إلى الساحل منصرفين إلى مكة، فصادفهم أبو سفيان بن حرب فقال: يا بني عدي كيف رجعتم لا في العير ولا في النفير، ويضيف ابن سعد:
فلم يشهد بدراً من المشركين أحد من بني زهرة ولا من بني عدي» .
وجاء في سيرة ابن هشام (ص271) قال الأخنس لبني زهرة:
« يا بني زهرة، قد نجّى اللّٰه لكم أموالكم، وخلّص لكم صاحبكم مخرمة بن نوفل، وإنما نفرتم لتمنعوه وماله، فاجعلوا لي جُبنها وارجعوا، فإنه لا حاجة لكم بأن تخرجوا في غير ضيعة (منفعة) ، لا ما يقول هذا، يعني أبا جهل، فرجعوا» .
وقيل أن سبب رجوع الأخنس ببني زهرة: « أنه خلا بأبي جهل حين تراءى الجمعان فقال: يا أبا الحكم أترى أن محمداً يكذب؟ فقال أبو جهل: كيف يكذب على اللّٰه وقد كنّا نسميه الأمين لأنه ما كذب قط، ولكن إذا اجتمعت في بني عبد مناف السقاية والرفادة والحجابة والمشورة ثم تكون فيهم النبوة فأي شيء بقي لنا؟» 1.
ولهذه القصة أثر سيّئ على نفسية المشركين قيادة وعامة وذلك ليقينهم إنما يحاربون اللّٰه ورسوله، وفي هذا دلالة على الإحباط الشديد.
« ومضى القوم، وكانت بين طالب بن أبي طالب - وكان في القوم - وبين بعض قريش محاورة فقالوا: واللّٰه لقد عرفنا يا بني هاشم - وان خرجتم معنا - أن هواكم مع محمد، فرجع طالب إلى مكة مع من رجع» 2.
ه - معسكر المشركين في بدر:
وعسكر المشركون بالقرب من بدر الذي كان قد وصلها رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم وهم في هذا الوضع المتفكّك نفسياً، فما كان وضعهم بعد أن عسكروا؟
« فلما اطمأن القوم بعث المشركون عمير بن وهب الجمحي، وكان صاحب قداح، فقالوا: احزر لنا محمداً وأصحابه، فصوب في الوادي وصعد ثم رجع فقال: لا مدد لهم ولا كمين، القوم ثلاثمائة إن زادوا زادوا قليلاً، ومعهم سبعون بعيراً وفرسان.
يا معشر قريش، البلايا (جمع بلية وهي الناقة أو الدابة تربط على قبر الميت فلا تعلف ولا تسقى حتى تموت) تحمل المنايا، نواضح يثرب تحمل الموت الناقع. قوم ليست لهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم أما ترونهم خرساً لا