174بهم القدح، ومعه يومئذ قدح يشير إلى هذا تقدم، وإلى هذا تأخر، حتى استووا» (ابن سعد ص 15) . ثم دخل العريش يجأر بالدعاء متوجهاً بكليته إلى اللّٰه تبارك وتعالى: « اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها، تُحادُّك وتكذّب رسولَك، اللهم فنصرك الذي وعدتني، اللهم أحِنْهم الغداة» 1.
ج - المعركة: وبدأ القتال، قتال التوحيد ضد الشرك، والايمان ضد الكفر، وإليكم هذه الصورة من علي بن أبي طالب عليه السلام: « لما أن كان يوم بدر وحضر البأس التقينا برسول اللّٰه وكان أشدَّ الناس بأساً، وما كان منّا أحد أقرب إلى العدو منه» 2. وهذه صورة أخرى من عمر بن الخطاب:
« فلما كان يوم بدر نظرتُ إلى رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم، يثب في الدرع وثباً وهو يقول: سيهزم الجمع ويولون الدبر، فعلمت أن اللّٰه تبارك وتعالى، سيهزمهم» 3.
ولكن النبي عليه الصلاة والسلام مع محاربته للعدو كان يعود إلى العريش ويدعو ربه وباستمرار، حتى أيده بالملائكة، وكان اللّٰه - تبارك وتعالى - يبعث إليه بالوحي حتى تطمئن قلوب المؤمنين: «إذ تستغيثون ربّكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألفٍ من الملائكة مُردِفين وما جعله اللّٰه إلا بشرى ولِتطمئنَّ به قلوبُكم وما النصرُ إلا من عند اللّٰه إن اللّٰه عزيز حكيم» 4.
« روى الترمذي عن عمر بن الخطاب قال: نظر النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً فاستقبل القبلة ثم مدّ يديه وجعل يهتف بربه: اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض. فما زال يهتف بربه ماداً يديه مستقبلاً القبلة حتى سقط رداؤه فأتاه أبو بكر فأخذ رداءَه وألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه وقال: يا نبيَّ اللّٰه كفاك مناشدتك ربّك فإنّه سينجز لك ما وعدك فأنزل اللّٰه الآية (الجلالين أسباب نزول الآية 9 من الأنفال) .
وقد وعد اللّٰه - تعالى - المسلمين بمساعدته من قبل، يوم أن كانوا في مكة وهو يقصّ عليهم القصص للأمم السالفة حتى تكون لهم درساً وعبرة. يقول تبارك وتعالى:
« وأورثنا القوم الذين كانوا يُستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها» 5.
ويقول تبارك وتعالى: « ونُريدُ أن نمنَّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلَهم أئمةً ونجعلَهم الوارثين ونُمكّن لهم في