167يجعلنا قاصرين عن تفسير إمكانية انتصار فئات كافرة على فئات كافرة مثلها. إذن هناك سنن إلهية للنصر، من يلتزم بها يحرز الانتصار ومن يتجاوز عنها أو يهملها يكون نصيبه الهزيمة.
فالنصر والهزيمة حدثان سياسيان أو عسكريان. حدثان تاريخيان تنطبق عليهما قوانين التاريخ والقوانين العسكرية وجميع السنن الإلهية لتطور المجتمعات، ومن ضمنها العلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية. والمؤمن عليه اكتشاف هذه القوانين والسنن، يقول تبارك وتعالى: «. . . وتلك الأيام نداولها بين النّاس. . .» 1.
أيام تتداول بين الناس يعيش الناس في مذاهب مختلفة على أرض واحدة. منهم المؤمن ومنهم الكافر والمنافق والفاجر. ولكل مجتمع لابدّ من مهيمن. ولكن الهيمنة ليست مطلقة، وكذلك التداول، ولكنهما محدودان وموقوفان على: «وليعلمَ اللّٰهُ الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء . . .» 2. إذن التداول سيظل حتى يتسلم المؤمنون قيادة هذه المجتمعات، المؤمنون الذين يستوعبون الدروس الإلهية الموجودة في كتاب اللّٰه:
يقول تعالى: «أَولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبةُ الذين من قبلهم وكانوا أشدَّ منهم قوّة وما كان اللّٰه ليعجزَهُ من شيء في السماوات ولا في الأرض، إنّه كان عليماً قديراً» 3.
ويقول تعالى: «أوَلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبةُ الذين من قبلهم كانوا أشدَّ منهم قوةً وأثاروا الأرضَ وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلُهم بالبيّنات فما كان اللّٰهُ ليظلمَهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون» 4.
ويقول تعالى: «ظهر الفسادُ في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس لِيُذيقَهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبةُ الذين من قبلُ، كان أكثرهم مشركين» 5.
ويقول تعالى: «وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءَهم الهُدى ويستغفروا ربَّهم إلا أن تأتيهم سنّةُ الأوّلين أو يأتيهم العذابُ قُبُلاً» 6.
ويقول تعالى: «قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبةُ المكذبين هذا بيانٌ للناس وهدًى وموعظةٌ للمتقين» 7.