128الصبي وقد سبق التعرض له.
والجواب عنه: أنّ الظّاهر من الرواية إرادة قلم الوجوب والتكليف؛ لأنّ المراد بالقلم الكتابة، والكتابة تعني الوجوب، فمعنى رفع القلم عن الصبي أنه لم يكتب في حقه شيء، أي لم يجب عليه، وعدم الوجوب لا يلازم عدم الصحّة.
ويمكن - أيضاً - أن يكون المراد به قلم العقاب، أي: لم يكتب في حقّه المؤاخذة والعقاب، وهو - أيضاً - يفيد بالتالي معنى رفع الوجوب، فلا يدلّ على نفي الصحّة.
الثاني: قياس إحرام الحجّ بالنذر، فكما لا يصحّ نذر الصبيّ؛ لأنّه سبب يلزم به حكم، كذلك إحرام الصبي فإنّه سبب يلزم به حكم فلا يصح كذلك.
والجواب عنه: بناءً على صحّة العمل بالقياس بوجوه:
الوجه الأول: أنّ السبب ليس فعل الصبي منفرداً بل هو مع إذن الوليّ، فافترق المقيس عن المقيس عليه.
الوجه الثاني: أن هنا قياساً معارضاً وهو قياس إحرام الصبي بمعاملاته، فقد ذهب أبو حنيفة إلى أن الصبي العاقل المأذون له في التجارة إذا باع أو اشترى أو آجر أو استأجر ينفذ تصرفه 1. فنقيس على ذلك أحرامه بالحجّ فيكون صحيحاً بإذن وليّه كما تصحّ معاملاته.
الوجه الثالث: أنّ النذر التزام يلتزمه الصّبي على نفسه، فقد يلتزم ما لا يوافق مصلحته فتنفيذه يوجب الإخلال بمصالحه، أمّا ما يحرم بالإحرام فإنه إلزام مشرّع من قبل اللّٰه - سبحانه وتعالى - وتشريع اللّٰه - سبحانه وتعالى - لا يكون إلّاوفق ما تقتضيه مصلحة العبد، فبين الموردين فرق لا يصحّ قياس أحدهما بالآخر.
الوجه الرابع: أن الحكم الّذي ينشأ من إحرام الصّبي حكم على الوليّ، فإنّ على الوليّ أنْ يجنّب الصّبي محرمات الإحرام، فلو قصّر فارتكب الصّبي شيئاً من ذلك تحمّل الوليّ تبعات ذلك كما يعود إليه أجر حجّه، بخلاف نذر الصّبي فإنه لا معنى لأن يتحمل الولي تبعات نذر الصّبي، فبين الموردين فرق موضوعاً وحكماً فيبطل قياس أحدهما بالآخر.
الثالث: أن الحجّ عبادة بدنيّة فلا يصحّ أن ينوب الكبير فيها عن الصغير كالصّوم والصّلاة.
والجواب عنه: أن الصحيح في حجّ الصّبي - كما سوف نبيّنه في محلّه - أنّه فعل يتلبّس به الصّبي بسبب الوليّ، فليس الوليّ نائباً عن الصبي في حجّه بل الفعل فعل الصّبي، ولا ينكر أبو حنيفة صحّة صلاة الصّبي ووضوئه وصومه، فكذلك لا مانع من أن تصح