84فواعجبا ما يفعل التعصب وكيف ينحرف بالانسان ويضلّه! فعلي (عليه السلام) ذلك الخطيب المصقع، والمحدث المبدع، الذي تنجس الأنفاس في الصدور ببدء كلامه، ويكلّ لسان العاشقين أمثال (همّام" بسماع بيانه، يوصف بضعف اللسان، وعدم القدرة علي الكلام.
وبديهي أن مثل هذه التعصبات لا يمكن أن تلقي ستاراً علي الحقائق وأن تخفي الوقائع. فالحق ماقيل: من أن اختيار علي (عليه السلام) لهذا الأمر المهم، ينمّ عن فضيلة كبري، لا يقدر علي القيام بها سوي من كان من أهل بيت رسول الله (صلّي الله عليه وآله وسلم) ونفسه وروحه.
يقول المرحوم العلاّمة الطباطبائي - رضوان الله تعالي عليه - في ذيل الآية الشريفة: وأذان من الله ورسوله. . . . :
"المراد بيوم الحج الأكبر منها أنه يوم النحر من السنة التاسعة للهجرة لأنه كان يوماً إجتمع فيه المسلمون والمشركون، ولم يحج بعد ذلك العام مشرك. ثم يضيف: وهو المؤيد بالأحاديث المروية عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) ، والأنسب بأذان البراءة، والاعتبار يساعد عليه؛ لأنه أكبر يوم اِجتمع فيه المسلمون والمشركون من أهل الحج عامة بمني، وقد ورد من طرق أهل السنة روايات في هذا المعني، غير أن مدلول جلّها أن الحج الأكبر اسم يوم النحر، اليوم العاشر من كل سنة وليس العام التاسع للهجرة فقط. ويتكرر علي هذا كل سنة، ولم يثبت عن طريق النقل أن اسم اليوم العاشر هو يوم الحج الأكبر" (67) .
ويتابع كلامه في ذيل تلك الآية الكريمة فيقول:
"وكيف كان فالاعتبار لا يساعد علي هذا القول؛ لأن وجود يوم بين أيام الحج يجتمع فيه عامة أهل الحج، يتمكن فيه من أذان براءة كل التمكن كيوم النحر يصرف قوله: "يوم الحج الأكبر" إلي نفسه، ويمنع شموله لسائر أيام الحج التي لا يجتمع فيها الناس ذلك الاجتماع" (68) .
وورد في "معجم دهخدا" نقلاً عن مهذب الأسماء أن الحجَّ الأكبر هو عيد الأضحي وعيد النحر (69) .
ويستنتج مما مرّ أن:
1- المراد من يوم الحج الأكبر: يوم عيد الأضحي.
2- استعملت عبارة "يوم الحج الأكبر" لأول مرة ليوم عيد الأضحي في السنة التاسعة للهجرة. وكررت هذه العبارة بعد سنة في حجة الوداع؛ لذلك يمكن القول: يوم الأضحي من كل سنة هو يوم الحج الأكبر.
3- حينما يرد "الحج الأكبر" بدون كلمة "يوم" فالمراد الحج مقابل العمرة.