8إننا نواجه الآن الواقع الإسلامي المرتكب المضطرب الضائع بين الاتجاهات غير الإسلاميّة، سواء منها الاتجاهات الماركسية، أو القومية، أو الاشتراكية، أو الإقليمية وبين الاتجاهات الإسلامية المختلفة في تطلعاتها وخططها وأهدافها. . كما نواجه الواقع السياسي الذي يعيش فيه المسلمون بين واقع خاضع للسيطرة الاستعمارية الكافرة بشكل مباشر، كما في فلسطين وإريتريا والفيليبين وغيرها من البلاد الخاضعة للاستعمار القديم والجديد، وبين واقع خاضع للحكم الإستعماري المقنع بقناع وطني أو إسلامي فيما يمارسه من ظلمٍ واضطهاد وطغيان وتفتيت للثروات والطاقات الإسلامية وتضييعها في الفراغ، وإفساد للفكر والعمل والواقع في كل مجالات الحياة. . ويمتد هذا الواقع السيء فيمتثل في الأوضاع الاقتصادية القلقة التي تضغط علي المسلمين في طريقة الإنتاج والاستهلاك وتوزيع الثروة وإهدار الطاقة وتخطيط الاقتصاد علي أساس المصالح الاستعمارية. .
أما الأوضاع الاجتماعية والأخلاقية فإنها تنحدر بشكل عجيب فيما يتنافي مع التخطيط الإسلاميّ للمجتمع وللأخلاق. .
. . . إننا نواجه هذا الواقع الذي يتحدّي وجودنا الإسلامي في الصميم، ونشعر - معه - بغياب الإرادة الإسلاميّة الواحدة في مواجهته وتغييره. . بل ربما نجد أمامنا الإرادة المضادة التي تعمل علي استمراره وزيادة انحرافه بفضل عملاء الكفر والاستعمار من حكام بلاد المسلمين وقادتهم. . وذلك من خلال أساليب الضغط علي الحركات الإسلاميّة الرائدة القائدة، بإعدام قادتها وإغتيالهم، وتفتيت قواعدها، وتخليدهم في السجون التي يلاقون فيها أبشع ألوان العذاب الوحشي مما لا يخطر علي قلب بشر. . والتضييق علي الفكر الإسلامي الواعي بمنع الكتب والمجلات الإسلامية الهادفة الملتزمة، وإفساح المجال للفكر المنحرف والخليع من أجل تمييع الإنسان المسلم. . ومنع اللقاءات الإسلاميّة، والاجتماعات الثقافية والسياسية الهادفة. . في كل بلدٍ يحكمه هؤلاء. . ومحاولة إثارة الخلافات المذهبية وتحويلها إلي عنصر تفجير للواقع الإسلامي في أوضاع طائفية سياسية حاقدة. .
إن هذا الواقع يفرض علينا العمل علي تحويل موسم الحج. . إلي موسم إسلاميّ كما أراده الله؛ ليكون مجمعاً للمسلمين يلتقي فيه المفكرون في حوار فكري إسلاميّ سليم؛ ليصلوا إلي القناعات المشتركة، أو المتقاربة، أو ليفهموا وجهة نظر كل منهم؛ ليعرفوا ارتكاز الجميع علي أسس فكرية إسلاميّة، فيما يتوصل إليه المجتهدون والمفكرون. . . ويعلموا علي أساس الوصول في نهاية المطاف، بالصبر والفكر، إلي الوحدة في الفكر والأسلوب والعمل.
وفي هذا الاتجاه، يعمل المخلصون علي لقاء الحركات الإسلاميّة من سائر أنحاء العالم الإسلامي، من أجل ان يتبادلوا الأفكار والخبرات ويتعارفوا فيما يحملون من تطلعات وأهداف، وفيما يرتكزون عليه من منطلقات ليكتشفوا من خلال ذلك في أنفسهم ما يختلفون فيه، ليبحثوا كيف يحولونه إلي قناعات مشتركة، وما يتفقون عليه ليستزيدوا منه في الجوانب الأخري ويحولوه إلي خطوات عملية للتعاون من أجل تكامل العمل الإسلامي من جهة، وتوحيد الطاقات الفاعلة في سبيل حل مشاكل الإسلام والمسلمين من جهة أخري. . وليبحثوا مشاكل التحرر من الاستعمار والخروج من سيطرة الضغوط السياسية والاقتصادية، ليتحرك الجهاد الإسلامي في حياة المسلمين من موقع الفكر الإسلاميّ الذي يستهدف عزة المسلمين وكرامتهم في دولة إسلامية هادفة مظفّرة، علي أساس الوسائل الإسلاميّة المشروعة والخطط الواقعية المدروسة.